*- شبوة برس - خالد سلمان
لغة نارية يفوح من بين حروفها البارود ، تبرز الآن في خطاب إعلام مجلس انتقالي الجنوب العربي ، وكأن هناك من إستفاق من صدمة الرهان على الجوار ، في تضمين حقوق الجنوب في ديباجة التسوية ومشاورات القنوات الخلفية.
هناك خطاب من أستشعر بالخطر بعد غفلة الإتكاء غير اليقظ على السياسة المتسامحة ، وإدرك أن لا شيء للجنوب العربي على طاولة توزيع مغانم التقاسم ، ولا حتى بحقوق الحد الأدنى ومابقي من فتات المحاصصة.
الجنوب العربي حسب مارشح من حوارات الصفقة ، ذاهب نحو تصفية قضيته وإخراجها كلياً من محاضر المداولات الإقليمية ، بعد أن راهنت الطبقة السياسية الجنوبية على إختطاط طريق إعتقدت بأنه سيقودها إلى أبواب مفتوحة على حل عادل ، فإذا كل الأبواب موصدة وكل الدروب تقود إلى حل ثنائي القطب سعودي حوثي ، وأن الجنوب العربي بثرواته مجرد هدايا لاحتواء إندفاعة الحوثي من تصعيد يطال الداخل وماوراء الحدود ، ولاشيء يشتري صمته سوى نفط وغاز الجنوب ، وكعكة حكم يبتلعها بلا شركاء مفترضين.
العودة ثانية إلى بث الحماسة الثورية وخطاب الحرب وشد العصب إستعداداً للأسوأ ، هي محصلة طبيعية لإدارة معركة بأوراق قوة ، لم توظف في وقتها جيداً لإسناد المفاوض الجنوبي ، وهي خطيئة الإحتفاظ بها والإنتظار حتى الساعات الأخيرة بعد أن نضجت الصفقة بين الرياض وصنعاء ، وأتفق الكل على الحصص ، وأصبح حاصل عدم الضغط الإنتقالي المبكر للإنخراط في مفاصل وتفاصيل المشاورات صفر مكاسب وتضحياته لم تنتج الإقرار بالحقوق.
الإنتقالي تجري عملية عزله وإضعافه الممنهج ، والتطويح به خارج المشاورات ، مع إنه المكون الوحيد الذي منح الجميع نصراً على الحوثي ، وورقة ضغط تفاوضية ، ولم يحصد سوى آلآف الشهداء ومرارات الخذلان.
شيئاً فشيئاً يتم تظهير كشف حساب خروج المغلوب من لعبة التسوية ، وإذا كانت الشرعية تنازلت عن إستعادة الدولة المختطفة وعن قرارها المستقل ، فإن المجلس الإنتقالي الجنوبي حسب الرياض مطالب هو الآخر بالتنازل عن مشروعه السياسي ، والتماهي مع التفاهمات الثنائية السعودية الحوثية أو هي الحرب ضده بدعم الإقليم ، حيث كل المدخلات الأخيرة تقود إلى إعادة إنتاج مناخات وقوى وحراب تحالفات 1994م ، فإذا كانت الجريمة الأولى التسعينية التي أفضت إلى الغزو تحمل يافطة الردة والإنفصال ، فإن النسخة القادمة تحمل عنوان الخروج عن الإجماع الوطني.
تتقلص هوامش المناورة أمام الإنتقالي ولم يبقَ لديه الكثير ليغير معادلات التسوية بقطبها السالب لجهة قضيته ، سوى بالعودة لجماهيره التي أهملها طويلاً وتفعيل ورقة الشارع ، والإستعداد للأسوأ :
القبول بالتنازل شبه الكلي أو خوض الحرب متعددة الأطراف.