عيدروس الزبيدي يصدر قرارا بتكليف عبدالرحمن المحرّمي بإدارة ملف الأمن ومكافحة الإرهاب.
*- شبوة برس – العرب
التأشير إلى وجهة الإصلاح
عدن - دشنّت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة دولة جنوب اليمن المستقلة وصاحب النفوذ الواسع في عدد من مناطق الجنوب عملية إعادة هيكلة لقواته الأمنية وذلك مسايرة لتطور التهديدات في تلك المناطق ومن ضمنها العودة الملحوظة لنشاط تنظيم القاعدة، وتفاعلا أيضا مع بعض المشاكل الهيكلية والتسييرية التي برزت في صلب تلك القوات.
واختار رئيس المجلس عيدروس الزبيدي لمهمّة إعادة ترتيب أوراق القوات الأمنية نائبه في رئاسة المجلس العميد عبدالرحمن المحرّمي المعروف بأبوزرعة صاحب الخبرة الواسعة بالعمل الأمني والإنجازات الميدانية المشهودة في مواجهة تنظيم القاعدة وقتال جماعة الحوثي من خلال قيادته لقوات العمالقة. ويشغل المحرّمي بالإضافة إلى دوره القيادي في المجلس الانتقالي، منصب عضو في مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي يرأسه رشاد العليمي.
وأصدر الزبيدي قرارا بتكليف المحرّمي بإدارة ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، ليتولّى بذلك “الإشراف الكامل على عمل القوات الأمنية ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى إعادة هيكلتها وتنظيمها بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في عموم محافظات الجنوب”، وفقا لما ورد في نصّ القرار. واتّخذ القرار صفة النفاذ الفوري استنادا إلى ما نصت عليه مادّته الأخيرة بشأن وجوب “العمل به من تاريخ صدوره، وإلغاء أيّ تكليف سابق يتعارض مع أحكامه ونشره في الجريدة الرسمية للمجلس".
وشهدت مناطق داخلة ضمن نطاق نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي وواقعة في دائرة عمل القوات التابعة له خلال الفترة الأخيرة عودة ملحوظة لنشاط تنظيم القاعدة الذي كانت تلك القوات ذاتها قد قامت بأدوار رئيسية في الحرب ضدّه وتمكنت من هزيمته وتحجيم خطره. ونفّذ التنظيم في وقت سابق من الشهر الجاري هجوما بسيارة مفخّخة على ثكنة عسكرية في محافظة أبين شرقي عدن أوقع أكثر من ثلاثين من عناصر القوات الجنوبية بين قتلى وجرحى.
ياسر اليافعي: خطوة تصحيحية لتوحيد القرار الأمني ومعالجة الأخطاء
ياسر اليافعي: خطوة تصحيحية لتوحيد القرار الأمني ومعالجة الأخطاء
ولم يخل قرار تكليف المحرّمي بإعادة هيكلة القوات أيضا من دوافع تنظيمية داخلية. حيث جاء القرار في خضّم الضجة الثائرة في عدن وجوارها حول ما بات يعرف بقضية الضابط عشّال الجعدني. واختطف عشال وهو ضابط من محافظة أبين ينتمي إلى الجيش اليمني برتبة مقدّم في يوليو الماضي بعدن وما يزال مصيره مجهولا، الأمر الذي أثار احتجاجات عارمة من قبل أبناء قبيلته.
وتوجّهت الاحتجاجات صوب المجلس الانتقالي الجنوبي كون المتهمين بتنفيذ الاختطاف ينتمون لقواته، وتحوّلت إلى حملة سياسية وإعلامية ضدّه على الرغم من كشف التحقيقات عن تصرّف الخاطفين بدوافع فردية وشخصية وفي نطاق صراع على مكاسب مادية تتعلق بملكية أراض. ولم يمنع ذلك من صدور تحذيرات للانتقالي عن دوائر مقربة منه ومساندة لمشروعه من تسرّب بعض السلوكات غير المنضبطة إلى قواته الأمنية التي تمثّل العمود الفقري لنفوذه.
ويبدو أنّ قرار تكليف المحرّمي بإعادة الهيكلة مثّل في بعض وجوهه استجابة لتلك التحذيرات، حيث توقّعت جهات سياسية وإعلامية أن تشهد القوات الأمنية الجنوبية في الفترة القادمة عملية فرز وغربلة لإعادة فرض الانضباط داخلها والنأي بها عن النوازع الشخصية والصراعات المصلحية.
ورحبت العديد من الدوائر بقرار الزبيدي واعتبرته مفيدا في فرض الأمن والاستقرار ومواجهة المخاطر. واعتبر الإعلامي والمحلل السياسي صلاح السقلدي القرار “محاولة محمودة لفض التشابك والتداخل المريع الذي يسود الأجهزة الأمنية وأجهزة مكافحة الإرهاب مع بعضها بعضا ومع الآخرين في الجنوب.
كما أن القرار خطوة لتصحيح الأخطاء وتجاوز حالة الفوضى الأمنية التي تسود تلك الأجهزة والتجاوزات الخطرة التي يقترفها بعض المحسوبين النافذين على تلك الأجهزة وما سادها من أفعال خطرة لغايات نفعية وشخصية، بل وأحيانا انتقامية أضرت بسمعة الأجهزة وسمعة الانتقالي”.
لكنّ السقلدي أثار عددا من الأسئلة بشأن تنفيذ القرار من بينها “كيف سيكون التنسيق بين الأجهزة الأمنية المحسوبة على الطرف الجنوبي وتلك التي تتبع قانونيا وإداريا للحكومة اليمنية ووزارة الداخلية بالتحديد، ومنها أمن عدن وأمن باقي المحافظات الجنوبية.. وماذا لو لم تنصَعْ تلك الأجهزة الحكومية لتطلعات المحرمي”. كما تساءل أيضا “هل سنرى تعاونا جادا بين المحرّمي ورئيس جهاز مكافحة الارهاب بالجمهورية اليمنية الذي يقوده اللواء شلال هادي لتجاوز الأخطاء التي حُسبت على هذا الجهاز، وبالذات في عدن”.
كما علّق الكاتب الصحافي والمحلل السياسي ياسر اليافعي على قرار إعادة الهيكلة بأنّه “خطوة تصحيحية هامة طالما انتظرها الناس في عدن والجنوب لتوحيد القرار الأمني، ومعالجة الأخطاء المتراكمة التي تسببت في إرباك المجلس الانتقالي وقواته المسلحة". وأضاف "أمام المحرّمي مسؤولية كبيرة لإعادة ترتيب القوات الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب على أسس وطنية، بعيدا عن النزعات المناطقية والعائلية والشخصية".