مصافي عدن العريق وحلم إعادة تشغيلها
*- شبوة برس – ناصر العبيدي
في كل أنحاء المعمورة تجد هناك حضارات تنشئ بفعل اقتصادي امتداد حضاري، منذ عصور وهي ماثلة للعيان حتى يومنا، مثل قاهرة المعز، وأوروبا، وبغداد وحضارات بادت، ولكن لم تجد من هذه الحضارات وجدت بدون مسببات، بوجود الأنهار، والبحار وهي إحدى الأسباب التي تمكن هذه الحضارات من الأستمرار على عكس مدن اخرى مثل أرض الجنتين، وتدمر، وكثيرا هنا وهناك التي دمرت تماما.
أنني أشير هنا الى توأم شركة النفط عدن وهي (مصافي عدن) وانطفاء شعلة تلك المنظومة التي سبقت زمانها في الرقي وتفوقت على كل ماهو حديث في الجزيرة العربية، لكونها صرح حضاري واقتصادي معآ، تجعل من مدينة عدن منطقة يمر العالم بها، ويهم في النظر إلى تلك الشعله.
لقد تفنن أولئك العابثين بما هو جميل في هذه المنطقة، الذين اثبتوا حبهم لأوطانهم وشعوبهم بشكل معكوس يعكس مدى الرقي العقلاني الذي يتمتعون به بشكل ملموس وتجسيده في هذه الرقعة من وطننا الجنوب الحبيب؛ وكرسوا حقوق الأخرين لذلك المفهوم غير ابهين بما سيحدث لابناء وطنهم من الآلام، ومآسي لاتقدر، ولعل القارئ الحصيف قد فهم، وادرك ما بين السطور..!
مصفاة عدن التي بنيت منذ 1952م من القرن الماضي، وكانت في منطقة استراتيجية لباب المندب مصدر للطاقة بين بريطانيا، والهند أنذاك، أن هذه المصفاة ودورها الكبير التي لعبتها قبل الاستقلال وبعده في إيجاد مصادر للطاقة في جنوبنا الحبيب، أي انها كانت صرح وطني ذات مدلول اقتصادي بحث، لادخل له بالسياسة البتة ، واستمر لهذا السبب لكون الذي يديرونه ليس لهم اتصال سياسي باي مكون سياسي، حتى جاءت الوحدة المشؤمة ، وبدأت التفريخ هنا وهناك وابعاد من يريد العمل من أجل الوطن وإيجاد من يعمل لصالح حفنة من المرتزقة، مما أدى للتضائل دورها تدريجيا حتى وصلت إلى ماهي عليه..!
ان هذه المصفاة التي تعتبر صرح أقتصادي للوطن تحتاج لشخصية وطنيه من طراز جديد بحجم الوطن ليس، إلا، اننا في ظل هذه الظروف المأساوية التي يعيشها شعبنا الجنوبي، تجعل من النفس ان تبحث إجباريا عن ما هو أفضل للاصلاح لأن من حولها شي فاسد للغاية، لهذه نفسيا يجعل العقل الباطني تتجه إلى الأستقامة نفورا من السيئ، لأن كل الأديان السماوية والاجساد الحية تمتقه وتتجه اتوماتيكيا إلى نحو الإصلاح دون منازع.
لهذا جنوبنا الحبيب زاخر بالكثير من الرجال الذين صدقوا ويعملون دون كلل من أجل الوطن، ولنا في الاخ/ المهندس طارق منصور الوليدي المدير العام التنفيذي لشركة النفط والأخ الدكتور / صالح الجريري مدير عام شركة النفط فرع عدن، خير مثال الذين عملوا وبدلوا جهد جهيد، من أجل انقاذ شركة النفط عدن من حافة الهاوية، واستعاد منظومها المؤسسي، وفي وقت قصير وجففوا منابع الفساد بشكل فريد واتجهوا نحو إصلاح ما أفسده الدهر، والوقوف على مسافة واحدة مع الجميع، والاستفاده من كل ما هو موجود، وكذا تسخيره للبناء، وهذه الصفات لاتجدها إلا نادر في هذه الأيام، فكثيرا منهم لديهم معاول هدم لأجل حفنه قليل من البشر الذي أصبحوا متخمين من هول الفساد.
إن صرحنا السيادي الذي تحول بفعل فاعل إلى ماساه وتحويله إلى مخازن تخدم مصالح فاسدين، بعد أن تم افراغ من مضمونها المؤسسي، وشردت كوادر من حملة الشهادات العليا في مجال النفط، وخليك في البيت.
إن هذا الصرح هي رفد هذه المنطقة بمشتقات النفط، اذا أوجد واقيمت فيها وحدة تكرير الزيوت (Oil refining unit) من مشتقات مثل الزيوت، والشحوم وغيرها من تنوع أقتصادي فريد لم يكن في منطقة الخليج بذاتها.
أنني هنا أناشد كل القوى الفاعلة ، في اتخاذ للألغاء القرار الرئاسي بخصوص تحرير استيراد سوق المشتقات النفطية، الذي أصبح في حكم المجمد، والذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وشوهت بمعلم تاريخي، وصرح أقتصادي قائم منذ زمن، ولذلك انطفات شعلة مصفاة عدن هذا الصرح التاريخي.
نتمنى أن يتم إعادة تشغيلها وأصلاح منظومها المؤسسي، مثل سابقة توأمها في منظومة شركة النفط عدن على يد المهندس القدير/ طارق منصور الوليدي واستاذنا القدير الدكتور /صالح الجريري...!
والله من وراء القصد،،
✍️. ناصر العبيدي