من جرائم الدولة العثمانية البيدوفيلية
*- شبوة برس – د حسني أحمد علي المتعافي
عندما اشتد عود الدولة العثمانية بدأت سلسلة من الاعتداءات السافرة على كل من جاورها في كل الاتجاهات، وكان من أول ضحاياها شعوب شرق أوروبا، هذه الشعوب بالذات لم يكن هناك أي عداء بينها وبين المسلمين، ولم تشارك في الحملات الصليبية ضد دول العالم الإسلامي، وكان من الممكن دعوتهم إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان هناك عداء تقليدي وديني شديد بينها وبين دول أوروبا، وهكذا أخذت هذه الشعوب تتساقط واحدا تلو الآخر أمام جحافل الأتراك العثمانيين، سقط الصرب والإغريق والمقدونيون والبوسنيون والسلاف والهنجاريون والبلغار....، فرض العثمانيون عليهم أسوأ نوع من التسلط، وأرغموهم على أن يكون من الجزية جزية بشرية من أبنائهم، كانت هذه الجزية البشرية من مكونات ما يُعرف بالإنكشارية، كان من الطبيعي أن يبدأ الكفاح من أجل الحرية، تسبب ذلك في أن تتولد في أنفسهم أحقاد مريرة ضد الإسلام والمسلمين، وقد هلك في معارك استعادة هؤلاء لحريتهم ما لا يُحصى عدده من المسلمين بما فيهم من أسلم من سكان البلاد الأصليين، كما تسبب ذلك في إيقاظ المارد الروسي الذي بدأ في التوسع جنوبا وشرقا، وصل إلى البحر الأسود على جثث ما لا يُحصى عدده من المسلمين الذين قضوا نحبهم هناك دفاعا عن الخلافة، أما في الشرق فقد اكتسحوا كل بلدان آسيا الوسطى التي كانت أكثر مناطق العالم الإسلامي ازدهارا ومنها أتى جل علماء المسلمين، سقط في هذا الصراع عشرات الملايين من المسلمين، كل ذلك كان بسبب تبني الدولة العثمانية لشريعة عدوانية أحدثها واضعو المذاهب، ودين الحق بريء منها.
فانتصارات العثمانيين في بداية صعودهم لا ينبغي أن تشغل الناس عن هزائمهم المذلة المهينة التي باءوا بها من بعد ولا عن النتائج الكارثية بعيدة المدى لسياستهم الجهلوتية العدوانية.
أما عن الكوارث التي سببوها للإسلام في مواطنه ومهده فهذا أمر آخر.
وعندما استولى العثمانيون الهمج على قلب العالم الإسلامي كان شغلهم الشاغل وضع خطة محكمة لكي تظل دوله تحت سيادتهم، وفي مصر على سبيل المثال أبقوا على سلطة المماليك بجانب سلطة الوالي والحامية التي معه حتى يظل الصراع الدامي محتدما بينهم جميعا فلا يفكر أحد في الاستقلال بالبلاد، أما المماليك فمن بعد أن كانوا قوة تدافع عن قلب العالم الإسلامي ضد الغزاة أصبحوا قوة إفساد وتدمير بعد أن أصبحوا قوة غير مسئولة لا هم لهم إلا الدفاع عن مصالحهم الخاصة، وأصبحت قصة البلاد هي الصراع المستمر بين القوى التي تسلطت عليه، وكان الشعب هو الذي يدفع الثمن دائما، وبالطبع منع العثمانيون بمعونة المشايخ أي اتصال بين هذه الدول وبين العالم الآخر، وهكذا خيَّم الظلام الكثيف الدامس على الأرض التي أشرقت منها شمس الحضارة، وهبط الناس إلى ما دون مرتبة الأنعام، وصار شغلهم الشاغل الدعاء للسلطان في استنبول بالنصر على أعدائه حتى يتنعم هو وحاشيته بنسائهم وأطفالهم وتذبيح رجالهم وخوزقتهم ويستمتع الدواب الذين كانوا يدعون له بمزيد من التمرغ في أوحال جهلهم وتخلفهم وفقرهم ومرضهم وبالأوبئة التي كانت تفتك ببلادهم فتترك المدن العامرة خرابا!