حين ينطق العدو بأصواتنا

2025-05-21 18:45

 

ليست الحروب اليوم كما كانت، جبهات وحديدًا وبارودًا، بل باتت حربًا من طرازٍ آخر، ناعمة في ظاهرها، شرسة في جوهرها، لم يعد العدو بحاجة إلى اجتياحٍ صاخب، ولا إلى مدافع تدوي، إنما يكفيه أن يغرس فكرةً، أن يُشكل رأيًا، أن يندس في خطابٍ يُقال بلهجة أبناء الوطن.

 

في زمننا الراهن، الحرب لم تعد إعلانًا واضحًا للعداء، بل مشروعًا طويل النفس، يخاض بأدوات ناعمة، تتخفى خلف الشعارات، وتتغذى على الثغرات النفسية والاجتماعية، إعلام موجه، خطاب مشبوه، افتعال أزمات، تحريك نزاعات داخلية، تشويه للرموز، وتفخيخ الوعي الجمعي، كل ذلك ليس عبثًا، بل خطة ممنهجة لإسقاط ما لم يسقط بالنار. في هذا النوع من الحروب، العدو لا يصوب نحو جسدك، بل نحو وعيك، لا يطلب منك أن تنهزم، بل أن تعتقد بأنك تنتصر وأنت تنهار، فما الحاجة لجنود، إذا كنت ستقوض بيتك بيدك..؟ وما الحاجة لحصار، إذا كنت ستقطع شرايين وطنك بذريعة “الإنقاذ..؟ كم من حماس أعمى، قاد إلى ذبح القضية بسكين صاحبها، وكم من أبناء الأرض تحولوا، دون وعي، إلى جسورٍ يعبر عليها الغزاة نحو قلب الوطن