مع انتهاء الفترة الزمنية المحددة لمؤتمر الحوار الوطني اليوم الأربعاء، ازدادت حدة المواجهات الاعلامية والصراع السياسي بين الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي يحاول إرباك هادي سياسيا بشأن القضية الجنوبية، فيما يحاول هادي سحب البساط من تحت صالح حتى يقطع اي فرصة لعودته للسلطة خلال الانتخابات القادمة عبر أي أفراد عائلته.
ومن المقرر أن ينتهي مؤتمر الحوار الوطني الشامل من أعماله اليوم الاربعاء وفقا للخطة الزمنية المقررة له، التي حددت مدته بستة أشهر، بدأت في 18 آذار (مارس) الماضي وتنتهي في 18 أيلول (سبتمبر) الجاري، غير أن مؤتمر الحوار تعثّر في حسم بعض القضايا الحساسة والأساسية، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، التي هي محور محور مؤتمر الحوار الوطني برمته.
والتقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أمس بسفراء الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن وأبلغهم أن مؤتمر الحوار الوطني يشارف على الانتهاء بصورة كاملة بفرقه التسع غير أنه كشف أن فريق بناء الدولة ما يزال ينتظر النتيجة النهائية المستخلصة لفريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار.
وذكر هادي بعض العوائق والتحديات التي تواجه نظامه مع انتهاء مؤتمر الحوار الوطني وقال ‘لكننا عازمون على تجاوز أي صعاب بصورة موضوعية ومنطقية وبما يؤكد إستراتيجية المبادرة الخليجية التي ترتكز على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن وعلى أساس الحكم الرشيد والحرية والعدالة والمساواة وبما يضمن المشاركة الفعلية في الثروة والسلطة وعلى الأسس الديمقراطية الحقة’.
وعلى الرغم من تفائله الكبير لمخرجات مؤتمر الحوار أشار هادي إلى المعوقات التي يواجهها من قبل الرئيس السابق وبعض الموالين له وقال ‘للأسف بعض من القوى السياسية لم تستوعب الوضع أو معطيات المبادرة بصورة دقيقة ولذلك تتأرجح في مواقفها أحيانا وفقا لمستجدات مزاجية وأنانية تعتقد أنها ستعطل مسيرة التسوية السياسية التي يدعمها المجتمع الدولي كله وبرعاية الامم المتحدة’.
وشدد هادي في خطابه للسفراء أنه ‘لا يحق لأحد الاعتراض على المخارج الوطنية والطبيعية والموضوعية التي يتبناها مؤتمر الحوار الوطني لأنه دخل من أجل إخراج اليمن إلى آفاق الوئام والسلام والتطور والازدهار وانبثاق منظومة حكم جديدة تواكب التطور والحداثة وتطوي صفحة الماضي إلى الأبد’ .
إلى ذلك قال نائب الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني ياسر الرعيني لـ(القدس العربي) ان اللجان الأساسية في مؤتمر الحوار ‘أنجزت مناقشة كل المهام الموكلة إليها ولكن لم يتم حسم المسائل الخلافية فيما يتعلق بالقضية الجنوبية’.
وأوضح أن القضايا الخلافية بشأن القضية الجنوبية أوكلت إلى لجنة الـ16 المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني والتي لم تتوصل حتى الآن إلى حل حاسم للقضية الجنوبية، غير أنه اكد ‘أنه سيتم البت في مسألة القضية الجنوبية خلال اليومين القادمين’.
وأوضح أنه نظرا لعدم الانتهاء من حسم القضية الجنوبية بشكل نهائي، سيتم استكمال العمل بشأنها وسيتم الاستمرار في عمل المؤتمر حتى انعقاد الجلسة العامة الختامية لمؤتمر الحوار والتي من المتوقع أن تبدأ نهاية الشهر الجاري، والتي ستعلن فيها كل مخرجات الحوار الوطني، بما فيها القرارات بشأن القضية الجنوبية.
ونفى أن يكون هناك أي نوايا لتمديد فترة مؤتمر الحوار الوطني بقدر ما سيحتاج الوضع إلى تأخير فترة انتهائه لوقت قصير لتعويض الفترة الضائعة من أيام انعقاده بسبب الانسحابات المتكررة من قبل أعضائه خلال فترة انعقاده والذي أدّى إلى تأخر مناقشة القضايا المطروحة أمام لجان المؤتمر.
وتزامن موعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني مع تحرك سياسي وإعلامي كبير يقوم به صالح والموالين له في حزب المؤتمر الحاكم سابقا، الذي لا زال صالح يرأسه في حين يتبوأ هادي موقعي نائب الرئيس ومنصب الأمين العام في الحزب، ويحاول كل منها استخدام ورقة الحزب لصالحه.
وذكرت مصادر إعلامية أن صالح بدأ يتزعم حملة إعلامية واسعة ضد سياسة هادي وبالذات مع انتهاء فترة مؤتمر الحوار الوطني، في محاولة منه لإفشال هذا المؤتمر من الخروج بنتائج عملية لحل القضية الجنوبية، خاصة وأنه تردد أن صالح أمر أعضاء حزب المؤتمر بالانسحاب من مناقشة القضية الجنوبية في اللحظات الأخيرة الحرجة التي تتطلب اتخاذ قرار نهائي بشأن القضية الجنوبية.
وفسّرت ذلك بأنها محاولة من صالح للاستفادة القصوى من الوضع السياسي المرتبك حاليا ومحاولة خلط الأوراق لإرباك توجهات النظام السياسي القائم والدفع به نحو الفشل، ليتسنى لصالح تقديم أحد أفراد عائلته كمنقذ للوضع في البلاد خلال الانتخابات المقبلة، التي من المقرر أن تكون نتاجا للقرارات التي سيخرج بها مؤتمر الحوار الوطني والذي سيحدد شكل الدولة المقبلة، وهل سيكون النظام رئاسيا أم برلمانيا.
"القدس العربي"