زمن وزير الرقص والراقصات "معمر".. زمن العجائب والقهر (*)

2025-09-08 14:14
زمن وزير الرقص والراقصات "معمر".. زمن العجائب والقهر (*)
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - د علي صالح الخلاقي

أكتب هذه الكلمات وفي داخلي غصة عميقة وحرقة لا يطفئها إلا إنصاف الحقيقة. فمنذ أن تخرجتُ عام 1996م بدرجة الدكتوراه في التاريخ، حاملاً قبلها الماجستير في الصحافة الدولية،إضافة إلى خبرة تزيد عن عشرين عامًا في العمل الإعلامي المقروء والمرئي منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي، توجهت مباشرة إلى صنعاء، عاصمة الوحدة الضيزى، بحثًا عن مكان يليق بخبرتي وتخصصي. غير أنني، وجدت نفسي مصنفًا في خانة المغضوب عليهم؛ لسبب بسيط "أنني جنوبي"، ولذلك فلا مكان لشهاداتي، ولا اعتبار لخبرتي، ولا وزن لجهدي. وكان الباب مغلقًا أمامي وأمثالي من الجنوبيين المغضوب عليهم، والفرص مقسّمة على غيرنا من أهل النفوذ.

في تلك الفترة، كان معمر الإرياني مجرد شاب تخرج حديثًا، ولا يملك رصيدًا معرفيًا أو إعلاميًا يذكر، لكن نفوذ عائلته، آل الإرياني، فتح له أبواب المناصب على مصاريعها، ليقفز قفزاتٍ لم تكن ممكنة لغيره، وليصعد سلّم السلطة بلا مؤهلات ولا خبرة.

قد نتفهم، أو بالأحرى نُجبر على أن نتفهم، ذلك الواقع حينما كانت الدولة دولتهم والنظام نظامهم، نظامٌ قام على التهميش والإقصاء، وكرّس سنوات طويلة من الاحتلال والقهر لأبناء الجنوب. لكن ما لا يمكن تفهمه أو قبوله هو أن نجد أنفسنا، بعد كل التضحيات التي قُدمت، وبعد تحرير عدن من براثن نظام عفاش ومن السلالة الحوثية، وهما وجها النفوذ الزيدي تحت مسميات مختلفة، أمام المشهد ذاته.. معمر الإرياني يحتل ثلاث وزارات دفعة واحدة، وفي عدن تحديدًا، العاصمة المحررة من رموز ذلك النظام!..ثم ماذا قدم في هذا المنصب..لا شيء سوى نهب الميزانيات..لان فاقد الشيء لا يعطيه.

أي سخرية هذه؟ وأي قهر أشد من أن يعود رموز الاحتلال، ممن عانى شعبنا من ظلمهم ونفوذهم، ليحكمونا من جديد وباسم "التكتكة".!

أتساءل ، ويتساءل معي كل جنوبي حر، لماذا يُكتب علينا أن نسلّم أمرنا لمثل هؤلاء؟ أليس من حقّي، أنا وأمثالي من أبناء الجنوب، ممن نحمل الشهادات والخبرات والتجارب والاخلاص، أن نتولى حقيبة وزارية واحدة على الأقل، فيما تتوزع بقية الحقائب على كفاءات أخرى من الجنوبيين ذوي الكفاءة والخبرة؟!.. فلماذا يقصى الجنوبيون ممن لا ينقصهم العلم ولا الإخلاص ولا القدرة على الإدارة، وكأن دائرة "المغضوب عليهم" قدرهم؟!.

لقد حررنا أرضنا بقوة السلاح، وبدعم صادق من الأشقاء عام 2015م، فيما كان هذا المعمر ورئيسه "المثلج" بوقاً ضد الجنوب وضد التحالف العربي، وسلموا للحوثي كل شيء قبل أن يغدر بهم، كما غدروا بنا من قبل، فإذا بنا نصحو على واقع مرير لم نكن نتوقعه.. رموز الاحتلال يعودون إلينا من النافذة بعد أن طُردوا من الباب، وهذه المرة بقوة النفوذ السياسي والتكتيكات غير السوية لشركاء النصر، ويجلسون على مقاعد القرار في عدن، بينما تُقصى وجوه مخلصة أحق وأقدر.

لا أقول هذا ادعاءً أو مزايدة، وإنما هي حقيقة موثقة يمكن الرجوع إليها. ولكم الحق أن تقارنوا بين رصيدي الإعلامي والثقافي أمامكم، وبين رصيد هذا الوزير المكلَّف بثلاث حقائب دفعة واحدة، واحصروا ذلك فقط في الجبهة الإعلامية والثقافية التي تسلق على سلمها بدون استحقاق. وستعرفون حقيقة من ثبت وأخلص وقدَّم وضحى من أجل القضية، ومن تاجر ولا يزال يتاجر بمعاناة شعبنا، بزعم مقاومة الحوثي، شريكه بالأمس، مختبئًا في فنادق الخارج، يطلق بين حين وآخر تصريحات جوفاء لا تقتل ذبابة، بينما تُقدَّم دماء شباب الجنوب رخيصة في الجبهات.

إنها مفارقة عجيبة، أن نحرر أرضنا بالسلاح والتضحيات، ثم نُسلم إدارة شؤوننا السياسية لمن كانوا رموزًا في سلطة الاحتلال، أو شركاء في ظلمها وفسادها. فهل يُعقل هذا؟ وهل يُقبل منطقًا وعقلًا وتاريخًا أن نُقصي أبناء الجنوب، ونستبدلهم بمن كان بالأمس أداة قهر لنا؟

تبا لهذا الوضع، وألف تبا لمن يقبل أن تُدار عدن والجنوب بوجوه مثل هذه، على حساب دماء الشهداء وكرامة هذا الشعب الأبي.

 

*- بعد وحدة الشؤم عام 1990 انتقلت كل الوزارات والوزراء حينها إلى صنعاء ولخبث اليمنيين وحقدهم وكراهيتهم للجنوب وكل ما يأتي منه أطلقوا على وزراة الثقافة الجنوبية "وزارة الرقص" وعنوان الموضوع أعلاه من اختيار محرر "شبوة برس" استذكارا للمواقف اليمنية العنصرية الخبيثة".