عندما يتغول الفساد

2025-09-24 15:00

 

​دماء الشهيدة افتهان المشهري صفعة في وجوه كل الطبقة السياسية الحاكمة والمحكومة إذ لم يتحرك للثأر لها الا الشارع، فكل الطبقة السياسية اما شريكة او عاجزة او توارت خجلا لأن الواقعة إياها كشفت عوراتهم.

 

منذ المكالمة الهاتفية التي سبقت اغتيالها والتي حددت لها الى اين تذهب (جولة السنيني) حتى افراغ عدد كبير من الطلقات في جسدها الطاهر ثم اخفاء متعلقاتها الشخصية بما في ذلك هاتفها، الذي كان سيكشف الشخص الذي هاتفها قبل خروجها من منزلها، كل ذلك يدل بوضوح على ان اغتيالها كان بخطة محكمة كان من اطرافها أحد في السلطة أمرها بالتوجه إلى موقع الاغتيال.

 

كأي ظاهرة سيئة في اي مجتمع يتم تجاهلها فأنها تتغول حتى تنمو لها مخالب وانياب وتفترس من يقف في طريقها، ولأن الفساد يجلب ثروة لأصحابه فأن الثروة تقع على رأس اسباب نمو المخالب والانياب لغول الفساد.

 

تعز مدينة كثيفة السكان وبها نشاط تجاري صخم وموارد صندوق النظافة والتحسين موارد كبيرة لهذا يسابق كثر على الحصول على نصيب من هذه الكعكة.

 

الشهيدة افتهان اوففت صرف المخصصات التي كانت تحصل عليها بعض الرؤوس النافذة من صندوق النظافة والتحسين تحت مسميات مختلفة، كما تقول روايات نشطاء تعز، لذلك أصبح أمر التخلص من افتهان مصلحة لكل من كان يتكسب من صندوق النظافة والتحسين وكلهم شركاء في التخطيط والوقيعة والتنفيذ ثم التستر.

 

ولأن الشيء بالشيء يذكر فأن الاخ احمد الميسري عندما تولى ادارة محافظة أبين أوقف المخصصات التي كانت تصرف لبعض المسؤولين في المحافظة من صندوق النظافة والتحسين، وعندما نصحته بأنهم سيحاربونه قال ليس هناك خيار آخر، فموارد النظافة والتحسين يجب ان تذهب للنظافة والتحسين، وفعلا حاربوا الرجل بمختلف الطرق حتى تم إبعاده، وذلك حين كان الفساد يحمل طابعا رسميا.

 

واقعة اغتيال الشهيدة افتهان المشهري هي ترمومتر مواجهة للفساد او مهادنته، فان تم وضع كل الرؤوس الشريكة في سفك دمائها في قفص الاتهام فسنستبشر خيرا، وأن تم التضحية بكم كبش فداء ممن يحصلون على الفتات فعلينا الانتظار عام آخر ليعود المجتمع الى رشدة.