*- شبوة برس – السفير سامح عسكر
عندما تتوقف الحرب في غزة، لا تتوقف فقط أصوات القذائف، بل تنقشع أيضًا غمامة كانت تخفي وراءها مآسي أخرى في المنطقة، وفي مقدمتها ما يجري في سوريا تحت سلطة الجولاني وعصاباته.
فبينما كانت أنظار العالم مشدودة إلى غزة ودموعه معلقة بأطفالها، كانت أيادي الجولاني تواصل جرائمها في الظل ضد الأقليات والمعارضين، مستفيدة من انشغال الإعلام والرأي العام العالمي بمأساة أكبر.
اليوم، ومع وقف إطلاق النار في غزة، يبدأ الضوء يتسلل إلى الزوايا المعتمة من سوريا.
سيعود الاهتمام الدولي إلى حقوق الإنسان هناك، إلى أصوات النساء المخنوقات، والأقليات المهمشة، والمعتقلين في سجون لا تُرى. وستُفتح ملفات جرائم الإرهاب والتطرف التي طالما غُضّ الطرف عنها.
وقف الحرب لا يعني راحة للجميع، فخصوم إسرائيل الذين تنفسوا الصعداء سيعيدون ترتيب صفوفهم، وكثير منهم خصوم مباشرون لتنظيم القاعدة والجولاني.
الريح التي كانت تحمل نيران غزة، ستتحول لتطارد نار التطرف في دمشق.
الغطاء التركي والخليجي الذي كان يحمي جرائم الجولاني بدأ يتلاشى، ومعه ستنكشف الحقائق أمام العالم.
العقوبات الدولية ستعود لتطال من يزرع الكراهية باسم الدين، ومن يحوّل المدارس إلى معامل لتفريخ جيل من المتطرفين.
أما مصر، فستلتفت إلى ما يحدث في الشمال، حيث يقف مصريون جُنّسوا في جيش الجولاني ضد دولتهم، يواصلون فتاوى التكفير بحق الجيش والشعب المصري.
وفي المقابل، ستسعى إيران والعراق إلى تثبيت نفوذ طائفي جديد في سوريا، ضمن لعبة توازن معقدة، لكنها ستفرض على الجولاني واقعًا لا يمكنه الهروب منه.
لقد استفادت القاعدة كثيرًا من حرب غزة، لكن بوقفها انتهت صلاحية الأكاذيب التي اختبأ وراءها الإرهاب لسنوات.
الآن، لم يعد ممكنا تبرير القتل باسم القضية، ولا قمع الناس باسم المقاومة.
سوريا تقف اليوم على مفترق طريقين:
إما أن تنهض كدولة مدنية تحترم التعدد وتفتح ذراعيها لجيرانها،
أو تسقط في غياهب دولة دينية مغلقة، محاطة بالعداء من كل الجهات.
فحين تصمت المدافع في غزة… يبدأ صراخ الحقيقة في دمشق.