*- شبوة برس - اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب
لأربعة أشهر متتالية، مرّ شهر ينطح أخاه، والخامس في منتصفه، والموظفون — مدنيون وعسكريون وأمنيون — بدون مرتبات.
أخبار متداولة تشير إلى أن المرتبات سيتم دفعها (جدولة)، لكن الدائنين للموظفين من أصحاب المتاجر والبقالات، إضافة إلى الجيران والأصدقاء والمعارف، يريدون من الموظفين سداد ما عليهم من ديون، ولا شأن لهم بالجدولة.
وضع مؤلم ومحرج للموظفين سواء من حيث السداد أو استمرار التعامل معهم حتى يأتي الراتب نهاية كل شهر كما اعتادوا عليه، والأكثر من ذلك تخوفهم من أن الجدولة قد تترنح في منتصف الطريق.
لا خدمات، لا كهرباء، لا ماء، وإن وجدت فهي مجرد “ضيف خفيف”.
الخدمات الصحية والتعليم يمران بأسوأ حالاتهما قياسًا بسابق عهدهما، ووضع صحة ونظافة البيئة إلى جانب معاناة الناس والهم والقلق والتفكير بالمعاناة يمكن قراءته من خلال انتشار الأمراض المزمنة وأمراض سوء التغذية والحميات والإسهالات لدى الأسر والأطفال على وجه الخصوص، وبتلك الأعداد من المرقدين والمترددين على عيادات الأطباء والمختبرات، رغم شحّة ظروف الآباء وأرباب الأسر المادية وقلة ما باليد… وحدث ولا حرج.
أسعار كل متطلبات العيش والحياة، بما فيها الأدوية، مرتفعة قياسًا مع الإصلاحات وتحسن أسعار الصرف. هبوط بسيط تم في البداية أثناء نزول فرق الرقابة السعرية، لكنه توقف ولم يستمر عبر لجان متابعة من الجهات ذات العلاقة والاختصاص، وربما لعدم وجود قائمة سعرية يُستند عليها في ضبط الأسعار، لذا صار كل تاجر وصاحب بقالة وصيدلية يبيع بما يريد.
لقد انتشرت المجاعة والأمراض والتجهيل، وغزت كل أسرة ودخلت كل بيت، واستاءت حياة الناس، بينما النخب وأطراف الشراكة ترطن سياسيًا ولسان حالهم كذاك الملك الذي قالوا له: شعبك يتظاهر يريد عيشًا، فرد عليهم: «قولوا لهم يأكلوا بسكويت».
على أن معاناة الناس ستزداد سوءًا على سوء، وستحل بهم الكارثة على ما هم عليه، إذا تم رفع سعر الدولار الجمركي، إذ إن من سيدفع عبء الارتفاع هو المواطن المستهلك الغلبان، وليس المستورد أو التاجر الذي سيضيفه على سعر البضاعة.
إن آمال أبناء شعب الجنوب في إنقاذهم من أوضاع مؤلمة كهذه، معلقة على مجلسهم الانتقالي وقيادته ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي.
وفي ذات السياق، يتساءل العامة: لماذا لم يتم اتخاذ موقف عملي ملموس حيال ذلك، كمثل ذلك الموقف الرائع الذي اتخذه في مواجهة التفرد بالقرار، ومن خلال إصداره لمجموعة قرارات تعيينات هزت عرش الشراكة، ولفتت انتباه دول الرباعية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي سارعت إلى دعوة المجلس للانعقاد وإصدار بيان بهذا الخصوص، أعاد للشراكة توازنها، وللجنوب وزنه في معادلة التمثيل والشراكة.
وكذلك على صعيد المرتبات، طالما كانت قواته العسكرية والأمنية هي الأخرى بدون مرتبات وللأشهر ذاتها.
ختامًا: يا كل قادة البلاد والقائمين على أمور العباد، يا كل أطراف الشراكة، متى تفيقون؟ وهل من صحوة تضعون أنفسكم خلالها محل الناس، وتحسون بمعاناتهم وبمسؤوليتكم وواجبكم الوطني والقانوني والديني تجاههم؟
والمؤلم أن تسود أوضاع ومعاناة كهذه عشية حلول الذكرى الـ62 لانطلاقة ثورة 14 أكتوبر المجيدة، والذكرى الـ58 لتحقيق الاستقلال الوطني. وفي هذا الإطار، كم هي التمنيات أن ترتفع صور قادة الثورة والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية من كل ألوان الطيف التحرري الجنوبي جنبًا إلى جنب مع علم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية (لاحقًا الديمقراطية الشعبية/ علم الجنوب)، لما يمثله ذلك من رمزية ووفاء لنضالاتهم وتضحياتهم، من خلال رفعها في الاحتفالات والمهرجانات بهاتين المناسبتين الوطنيتين المجيدتين: (يوما من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعوه بأيديهم).