*- شبوة برس - جسار مكاوي
تشهد المنطقة العربية اليوم موجة غير مسبوقة من التفاهمات والاتفاقات التي تحمل ملامح إعادة تشكيل واسعة للمشهدين الإقليمي والدولي .
اتفاقات سلام وهدن تُوقّع هنا وهناك، تعيد ترتيب أولويات العالم وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة التموضع السياسي والعسكري والاقتصادي، وسط سباق محموم على النفوذ والموارد والممرات الحيوية.
في ظل هذا الزخم الدولي لعقد اتفاقات السلام والهدن التي تشهدها منطقتنا العربية، تبرز ملامح تحولات جذرية ونوعية بمستويات عالية من التأثير، تمهّد الطريق لإعادة ترتيب الصراعات وجدولتها، ولإدارة الحشد العسكري مهما تنوّعت أشكاله وأهدافه.
المنطقة التي يُطلق عليها الغرب اسم الشرق الأوسط، نُصرّ نحن على تسميتها المنطقة العربية، لأنها كانت وما زالت محور التغيير الذي يبحث عنه العالم.
فالعالم ، مهما حاول، لا يجد مفتاح أزماته الكبرى ولا سبيل استدامة أمنه واستقراره إلا في هذه المنطقة.
الأحمق وحده من لا يدرك سرعة هذه التحولات، ولا يسعى لصنع فارق حقيقي في بلده ومنطقته، ولا يعمل على التنسيق الجاد مع المتغيرات من حوله، لأن التغافل في هذا التوقيت مكلف جدًا، بل قاتل أحيانًا.
وفي خضم هذه التحولات، يقف الجنوب العربي أمام منعطف تاريخي حاسم، يفرض عليه قراءة دقيقة لمعادلات القوة الإقليمية والدولية، واستيعاب عمق التحول في المفاهيم والمصالح التي تعيد رسم خارطة النفوذ في المنطقة.
عدن، بما تمثله من موقع استراتيجي وروح حضارية منفتحة، ليست خارج هذا المشهد، بل في صميمه. فكل القوى الدولية، القديمة منها و الجديدة ، تدرك أن من يملك عدن ويدير ممراتها، يملك مفاتيح التجارة والأمن في البحرين العربي والأحمر.
و لذلك، فإن الجنوب الجنوبي الواعي بحاجة اليوم إلى مشروع وطني متكامل، يوازن بين ضرورات الأمن ومتطلبات التنمية، ويحفظ سيادته في زمن تُدار فيه الصراعات بأدوات السياسة والاقتصاد أكثر مما تُدار بالبندقية.
إن من يفهم لغة التغيير، ويواكب إيقاع التحولات، هو وحده من يضمن لنفسه موقعًا في الغد. أما من يتقاعس أو يكتفي بالمشاهدة، فسيجد نفسه خارج المعادلة، في زمن لا يرحم المتأخرين عن ركب التاريخ.