شبوة برس – عبدالله الديني
في وقت يخوض الجنوب معركة مصيرية للدفاع عن أرضه ومكتسباته التي دفعت لها الدماء، تبرز فكرة خطيرة تقضي بدمج تشكيلات القوات المسلحة الجنوبية ضمن ما يسمى القوات اليمنية. هذه الفكرة ليست مجرد خيار تنظيمي بل تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الجنوبي وتفتح الباب واسعاً أمام خروقات وخيانات تاريخية أثبتت التجربة إمكانية تكرارها.
التجارب القريبة دليل كافٍ لرفض الفكرة. منذ اندلاع الحرب شهد الجميع انشقاق وحدات عسكرية شمالية وتحاقها بجماعات مسلحة، وتسريب مواقع حساسة أدت إلى تدميرها، ووقائع خيانة عسكرية كلفت البلاد عشرات الشهداء. فكيف يعقل أن تُسلم مصائر الجنوب لقوات لم تثبت ولاءها سوى لمصالح ضيقة أو لقيادات إقصائية؟
القوات المسلحة الجنوبية ليست مجموعات متناثرة بل منظومة أمنية متكاملة: ولاؤها للشعب الجنوبي وحماية أرضه. هذه القوات واجهت العدو في كثير من الجبهات وانتزعت انتصارات حينما تهاوت أجزاء من جيوش الشمال وتركت مواقعها وعتادها. دمج هذه المنظومة مع جيش مثخن بالفساد والولاءات المتقلبة يعد تفكيكاً متعمداً لخط الدفاع الأول عن الجنوب.
المسوِّقون لمشروع الدمج يصفونه بـالتوحيد أو الإصلاح، لكن الواقع يفضح النوايا. دمج جيش منتصر ومقاتل بعقيدة وطنية صادقة مع جيش تهاوت قيمه القتالية سيؤدي إلى إضعاف القدرة القتالية، وزعزعة الانضباط، ونشوء قاعدة جديدة للفوضى الأمنية التي ستؤثر سلباً على الاستقرار الإقليمي والتحالفات.
لا يمكن أن يطلب من الجنوبيين أن يضعوا مستقبلهم بين يدي من خان العهود وسلم الجبهات. الحفاظ على استقلالية القوات المسلحة الجنوبية واجب وطني لا يقبل المساومة، فهو حماية للجنوب وللمشروع الأمني الإقليمي الذي شكلته التضحيات والتاريخ.
الخلاصة أن دعوات دمج القوات الجنوبية بالقوات اليمنية ليست إصلاحاً وإنما دعوة إلى انتحار سياسي وعسكري للجنوب وللتحالف على حد سواء. الثقة لا تُمنح لمن أساء الأمانة، والجنوب لا يملك رفاهية المخاطرة بنفس التجربة مرتين.
✍️ عبدالله الديني
✍️ العقيد شاخوف حضرموت