قراءة جيوسياسية غربية تكشف تحوّل الصراع: الجنوب لاعب إقليمي في مواجهة مشروع الحوثي

2025-12-21 22:04
قراءة جيوسياسية غربية تكشف تحوّل الصراع: الجنوب لاعب إقليمي في مواجهة مشروع الحوثي
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

شبوة برس – خاص

نشرت منصة Fair Observer الدولية، المتخصصة في تحليل السياسات العالمية، تقريرًا تناول مستقبل الصراع في اليمن تحت عنوان «طموحات الحوثيين والدولة الجنوبية.. بؤرة اشتعال إقليمي»، قدّم مقاربة مختلفة عمّا اعتادته التغطيات الغربية، كاشفًا عن تحوّل بنيوي في طبيعة الصراع وتوازنات القوى في المنطقة. رصد ومتابعة شبوة برس.

 

وأشار التقرير إلى أن المشهد لم يعد صراعًا داخليًا على السلطة داخل دولة واحدة، بل مواجهة بين مشروعين متعارضين جذريًا على مستوى الإقليم. المشروع الأول تقوده جماعة الحوثي كامتداد عابر للحدود مرتبط بإيران، يعتمد على التسليح النوعي، والتموضع البحري، وخطاب توسعي يهدد أمن المنطقة والملاحة الدولية. أما المشروع الثاني فيتمثل في الجنوب العربي، بوصفه مشروعًا استقلاليًا يستند إلى الجغرافيا والسكان والقدرة الفعلية على بسط الأمن وإدارة الأرض في المحافظات المحررة.

 

وللمرة الأولى في خطاب غربي سائد، يلمّح التقرير إلى أن هذا التضاد لم يعد يُقرأ كصراع نفوذ داخل اليمن، بل كمعركة على شكل الإقليم ومستقبل أمنه البحري، في ظل انتقال تهديد الحوثي من الداخل اليمني إلى الممرات الدولية الحيوية.

 

ويرصد التقرير جملة من الوقائع التي تتجاهلها كثير من التحليلات، أبرزها هشاشة مؤسسات الدولة المركزية وانهيار وظيفة ما يسمى بالسلطة الشرعية، مقابل تقدم واضح في قدرة الجنوب على ملء الفراغ. وأكد أن توسع الحوثي لم يكن نتيجة شرعية سياسية، بل نتيجة فراغ الحوكمة، في وقت صعد فيه المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة أمر واقع تمتلك سيطرة مؤسسية وأمنية على الأرض، وسط فشل الأدوات الأممية والدبلوماسية في إنتاج مسار مستدام.

 

وفي تحليله لدور الجنوب، يعترف التقرير ضمنيًا بمعادلة جديدة مفادها أن أمن الملاحة والطاقة لا يمكن بناؤه دون شريك يمتلك سلطة فعلية. ومع سيطرة الجنوب على السواحل والمنافذ، وبنائه لمؤسسات أمنية فاعلة، وتأمينه لمساحات واسعة من الإرهاب وشبكات التهريب، بات يُنظر إليه كفاعل قادر على حماية المصالح الإقليمية والدولية، لا مجرد طرف محلي في نزاع أهلي.

 

ورغم أهمية التقرير، يتجنب طرح النتيجة المنطقية التي تقود إليها مقدماته، والمتمثلة في أن الاعتراف بدولة الجنوب العربي الاتحادية لم يعد مطلبًا سياسيًا فقط، بل خيارًا واقعيًا لإنهاء الفراغ الذي تستغله شبكات إيران والتنظيمات المتطرفة، وإعادة ضبط مفهوم الشرعية على أسس قابلة للتنفيذ.

 

وتخلص القراءة الجيوسياسية إلى أن الصراع لم يعد على السلطة في اليمن، بل على شكل الجغرافيا السياسية للإقليم. وفي ظل انهيار نموذج الدولة اليمنية، وتمدد المشروع الإيراني، وتصاعد تهديد الملاحة الدولية، فإن التعامل مع الجنوب كفاعل انتقالي مؤقت لم يعد واقعيًا. السؤال المطروح اليوم، كما يعكسه التقرير، لم يعد هل سيعود الجنوب، بل كيف يمكن دمج هذا الواقع في بنية أمن إقليمي مستقرة دون انفجار الصراع.