شبوة برس – خاص
في تصريح صادم يتجاوز حدود الزلة السياسية إلى مستوى التهديد الاستراتيجي، أعلن نائب وزير خارجية حكومة اليمن، مصطفى النعمان، استعداد من وصفهم بـ«الوحدويين» للتحالف مع جماعة الحوثي بذريعة حماية الوحدة، في خطوة تكشف بوضوح حجم الانحراف الذي بلغته ما تُسمى بالشرعية، وانهيار الأساس الأخلاقي والوطني الذي تدّعي الوقوف عليه.
هذا التصريح لا يمكن التعامل معه بوصفه رأيًا فرديًا أو انفعالًا عابرًا، بل يمثل إعلانًا صريحًا عن قابلية التحالف مع ذراع إيران في المنطقة، الجماعة التي حوّلت جغرافيا اليمن إلى منصة صواريخ ومسيرات، وتهديد مباشر لأمن الجزيرة العربية والخليج والملاحة الدولية في البحر العربي وخليج عدن والبحر الأحمر. والأخطر أن هذا التهديد لا يستهدف الجنوب العربي وحده، بل يحمل في مضمونه ابتزازًا واضحًا للتحالف العربي، مفاده أن الشرعية مستعدة لإسقاط المبرر القانوني لتدخل التحالف، والمتمثل في إنهاء الانقلاب الحوثي وإعادة الشرعية إلى صنعاء، إذا لم يتم تبني العقيدة الوحدوية التي يروّج لها النعمان.
يتناسى نائب وزير الخارجية أن عاصفة الحزم التي قادتها المملكة العربية السعودية انطلقت بأهداف واضحة ومعلنة، في مقدمتها إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة، لا فرض شكل سياسي معين أو صيغة نهائية للدولة. لكن تصريحات النعمان تكشف أن بعض رموز الشرعية لا يرون في الحوثي عدوًا وجوديًا، بقدر ما يرونه شريكًا محتملًا في مواجهة الجنوب العربي.
خطورة هذه التصريحات لا تقل عن خطورة فتاوى التكفير واستباحة الدم التي أطلقها في مراحل سابقة رموز مثل اليدومي والزنداني، حين استعانوا بالأفغان العرب والمقاتلين المتطرفين لقمع الجنوبيين بذريعة الدفاع عن الوحدة. الفارق اليوم أن «المفتي الدبلوماسي» يستبدل أولئك بالمليشيات الحوثية نفسها، التي اجتاحت الجنوب في عام 2015 واحتلت أجزاء واسعة منه، قبل أن يتمكن أبناء الجنوب، وبإسناد مباشر من التحالف العربي ومشاركة ميدانية فاعلة من القوات الإماراتية، من تحرير أرضهم.
لقد سقطت التقية السياسية التي مارسها مصطفى النعمان طويلًا، وأعلن من قلب عاصمة التحالف العربي أن الحوثي والشرعية في خندق واحد لمواجهة الجنوب، في اصطفاف صريح مع المشروع الإيراني وتهديد مباشر للأمن القومي العربي.
هذه التصريحات، بما تحمله من عداء مكشوف، تؤكد صوابية الخطوات التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي على المستويات العسكرية والأمنية والإدارية والسياسية، لتأمين جغرافيا الجنوب بحدود ما قبل وحدة 1990، ووضع حد لحالة الاختراق التي طال أمدها، والتي لم تجلب سوى الفوضى والتهديدات والتحالفات المشبوهة. لقد آن الأوان لمعالجات جذرية، بعيدًا عن أوهام وحدة لا يتردد دعاة الدفاع عنها في التحالف مع أخطر أعداء المنطقة.
شبوة برس
محرر شبوة برس