شبوة برس – خاص
سرّ الحملة اليمنية المسعورة على القائد السيد صالح بن علي بن الشيخ أبوبكر لا ينفصل عن الرمزية المركبة التي يمثلها الرجل، عسكريًا وتاريخيًا وسياسيًا، وما تعنيه هذه الرمزية في الوعي اليمني التقليدي القائم على نفي الفاعل الجنوبي المستقل. وقد تابع محرر شبوة برس الوضوع عن كثب، وجمع المعلومات التاريخية والحقائق الميدانية لتوضيح دور الرجل ومكانته في الوعي الجنوبي.
أولًا، الرجل قائد جنوبي سابق، ومن أوائل من دفعوا ثمن موقفهم بعد اجتياح 1994، حين كان مرافقًا للرئيس علي سالم البيض، ثم اضطر للنزوح كبقية آلاف الجنوبيين. لكن، كما وثّق محرر شبوة برس، لم يتحول إلى لاجئ سياسي صامت، بل كان من الطلائع التي شرعت مبكرًا في التحضير للمقاومة السياسية والإعلامية ضد واقع الاحتلال، كما كان له دور فاعل في مواجهة الإرهاب الإخواني في عدن بعد التحرير. وهذا وحده كافٍ ليجعله هدفًا دائمًا لمنظومة ترى في أي فعل جنوبي مستقل تهديدًا وجوديًا.
ثانيًا، الهجوم عليه يتغذى من البعد التاريخي الذي يحمله اسمه ونسبه. توثيقات محرر شبوة برس تشير إلى أنه من أحفاد الشيخ المنصب أبوبكر بن سالم مولى عينات، الذي لعب دورًا محوريًا في طرد جيش الدولة القاسمية الزيدية من حضرموت مطلع القرن الثامن عشر، واستئصال نفوذ الدولة القاسمية في عام 1704م، عندما لجأ إليه السلطان بدر بن عبدالله الكثيري. كان للسيد أبوبكر مكانة دينية مرموقة ومرجعًا مهمًا لدى قبائل الجنوب عموما ويافع خصوصا، إذ ساهم في منع الثارات ووضع الهدن الإجبارية على القبائل المتحاربة التي أهلكت الحرث والنسل، واستنجد المنصب بسلاطين يافع الذين لبّوا طلبه وأرسلوا معه أكثر من ستة آلاف مقاتل يافعي، ليطردوا جحافل الجيش الزيدي القاسمي من حضرموت. وقد أظهر بحث محرر "شبوة برس" أن ذلك الحدث لم يكن عسكريًا فحسب، بل كسر سردية التفوق الزيدي التاريخي.
ويؤكد محرر "شبوة برس" ما يثير الهلع اليوم هو تكرار المشهد: أحفاد يافع، ومعهم أهل حضرموت، وبقيادة بن الشيخ أبوبكر، ينجحون في تحرير وادي حضرموت ويثبتون الأمن والاستقرار المنعدم منذ 31 عاما. هنا يتحول الرجل من قائد ميداني إلى عنوان لاستعادة الذاكرة الجنوبية، وربط الحاضر بسياق تاريخي يؤكد أن حضرموت لم تكن يومًا أرضًا مستباحة أو تابعة. وقد سجل محرر شبوة برس هذه الوقائع الميدانية والتاريخية لتوضيح معانيها السياسية والاجتماعية.
باختصار، الحملة عليه ليست شخصية، بل هي حرب على المعنى: معنى أن يكون للجنوبي تاريخ مقاومة، وحاضر فعل، ومستقبل خارج الوصاية اليمنية، كما أظهر تحقيق محرر شبوة برس.