قالت صحيفة الوسط اليمنية في تقرير لها مطول نقتبس منه جزء يتعلق بالموقف الفرنسي من حقوق الأقاليم في إدارة ثرواتها , أنها علمت أن الوسيط جمال بنعمر كان قد تقدم بنص مماثل لم يتم إقراره على إقليم كردستان العراق فيما له علاقة بالثروات الخاضعة للإقليم إلا أن الإرياني رفضه وسانده الفرنسيين حيث تم إيراد أن تكون السلطة المركزية طرف في القرار.
وبخصوص اعتراض العامة على منح الإقليم صلاحية التحكم بثرواته وهو اعتراض شاركها بيان هيئة علماء اليمن، أوضح الدكتور الارياني في لقاء حزبي مع الرئيس السابق علي صالح وقيادات المؤتمر, من أن حكومة المركزية ستكون مشاركة في القرار وأن الصيغة سيحكمها قانون وتنشأ لها هيئة بحيث يكون للولاية الحق الحقيقي في ماله علاقة بالإدارة والتوظيف وضرب للمجتمعين مثلا بشركات الخدمات النفطية العاملة في حضرموت ودعاهم للذهاب إلى حضرموت والسؤال عن من هي هذه الشركات وكم من الحضارم يشتغلون فيها وسمى لهم عددا من الشركات وأصحابها، وكلهم من الشمال .
وبالعودة الى الموقف الفرنسي المعادي لحق الأقاليم الجنوبية في التحكم بثرواتها النفطية خوف الحكومة الفرنسية من فقدان إمتيازات واسعار تفضيلية لن تجدها في أي بقعة من العالم , والمقصود بذلك مناطق النفط والغاز في شبوه وحضرموت حيث تتواجد الشركات الفرنسية في المحافظتين وأبرز الشركات الفرنسية وأكبرها شركة توتال التي تتواجد في حقل جنة الجنوبي بوادي بلحارث بمديرية عسيلان شمال محافظة شبوه ومنه تضخ الغاز والنفط كما تتواجد شركة توتال في قطاع (10) خرير منطقة المسيلة مديرية غيل بن يمين وفي واحد من أكبر حقول النفط العاملة والواعدة أيضا .
لفهم الموقف الفرنسي ينبغي العودة الى تأريخ العلاقات بين صنعاء وباريس وهي علاقة حديثة نسبيا تعمقت خلال زيارة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران الى صنعاء خريف 1993م في أوج الأزمة بين الحزب الإشتراكي اليمني وعلي عبدالله صالح وحليفة حزب الاصلاح اليمني برئاسة الشيخ الأحمر والتي أعقبتها حرب الشمال على الجنوب صيف 1994م .
ففي هذه الزيارة تمت الموافقة على إعطاء الموافقة اليمنية لقيام شركة توتال بإستغلال الغاز وبأسعار 3,20 $ للوحدة السعرية الدولية للغاز في حين أن سعره العالمي حينها بلغ أكثر من 11 $ للوحدة السعرية على أن تستثمر فرنسا وشركائها الدوليين أربعة مليار دولار أمريكي , وهذا كان بمثابة رشوة للحكومة الفرنسية لتقف الموقف الصلب مع نظام صنعاء في مجلس الأمن الدولي خلال حرب 1994م ورغم أن هناك عرض مغريا كبيرا من شركة أنرون الأمريكية وبإستثمارات للغاز ومشاريع مصاحبة تمتد من بلحاف ميناء التصدير على البحر العربي بمحافظة شبوه الى المنطقة الحرة في عدن بتكلفة تبلغ 32 مليار دولار أمريكي إلا أن حساب منفعة الحاكم وبقاؤه في الحكم في صنعاء ومتحكما في الجنوب وثرواته يسر للجانب الفرنسي هذه الفرصة الذهبية ليهتبلها على حساب ومصلحة ابناء الأرض المنهوبة ثرواتهم .
مراقبون إعتبروا الموقف الفرنسي المتشدد الى جانب حكام صنعاء في هذه القضية وهم ( اليمنيين) شركاء من الباطن مع الشركات الفرنسية في عمليات النهب, خشية الجانب الفرنسي من لجوء الأقاليم في حال حصولها على هذا الحق من إعادة التفاوض على شروط جديدة لإستغلال الثروات وتغيير إسعارها وما قد يلحق الفرنسيين من اضرار قانونية لم يفصح عنها المراقبون .