إلى الذين يحرسون من يسرقون ثرواتهم

2012-12-13 02:00

 

 

إلى الذين يحرسون من يسرقون ثرواتهم

أحمد عمر بن فريد:

كانت الحصيلة النهائية للمواجهة القبلية التي حدثت قبل أيام في مديرية عرما بشبوة سقوط أربعة قتلى وستة جرحى من الجانبين، وذلك على إثر خلافات بينهما تتمحور حول مصالح صغيرة في منطقة العقلة النفطية التي تعمل بها شركة نفط نمساوية.. ولا أعتقد أن أحدا ما من الجانبين يعلم بدقة أو حتى بالتقريب البعيد عدد براميل النفط التي تنتجها هذه الشركة، وماهو مصير هذه المادة السوداء (الذهب) التي تصدر من أرض شبوة إلى خزائن الدولة!

وماهو نصيب شبوة من هذ الثروة؟

في هذا الصراع العنيف المرير بين الأشقاء في شبوة يقف المرء محتارا، حزينا، ومحبطا.

على أساس أن الطرفين قد ذهبا للصراع حول (الفتات) الذي ارتضى لهما الشريك الرسمي للشركة النمساوية أن يتقاتلا عليه، في حين أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال مجرد السؤال عن مصير تلك الثروة (الجنوبية - الشبوانية) التي تذهب في جوهرها إلى جيوب متنفذي ومشايخ الوحدة من خارج الجنوب.

وإلا على العقل والمنطق والحق الوطني الأكيد في شبوة مهمة أن يتذكر أن السبب الرئيسي للخلاف (القاتل) بين الطرفين كان بسبب احتجاج القبيلة (أ) على حصة وظيفية أمنية لأبنائها، تتعلق بعدد (27) وظيفة جديدة فقط في مجال (الحراسة)!! وفي هذا التحليل المنطقي تقدم منطقة العقلة النفطية وأهاليها الطيبون من القبيلتين المتقاتلتين إلى الذهن المتفتح مشهدا (كوميديا - دراميا) متكاملا، يستوجب تقديم البكاء على الضحك.

باعتبار أن هناك من يتقدم إلى الموت بكل بسالة وشجاعة في معركة ضد إخوانه الجنوبيين في سبيل أن يحرس من يقوم بسرقة ثرواته النفطية الكبيرة!

ليكون - تبعا لذلك- في حالة استنفار وغضب بسبب هذه المهمة الغريبة التي ارتضاها لنفسه دون أن يعلم تماما ماذا يفعل بنفسه أو حتى بمستقبل أبنائه وأحفاده من بعده؟

وماهي الحقوق الإستراتيجية التي فرط بها من خلال عدم الفهم الطبيعي لما حدث ويحدث حوله في حقيقة الأمر وأصله.

إن الحقيقة التي يجب على أبناء شبوة التعرف عليها، هي أن الفتات الذي يقدم لهم بامتنان عجيب لايتجاوز الحصة التافهة في وظائف حراسات أمنية فقط!!

في حين أن منابع النفط التي يتقاسم مواردها الباحثون عن الدفء في شبوة، تعتبر مناطق محرمة على أهل الثروة الحقيقيين .

ويدخل من ضمن المحرمات أيضا الوظائف الهامة الإدارية والفنية والبعثات الخارجية، لأنها تعتبر أمورا حصرية لهذا (الغير) فقط .

أما أبناء شبوة بشكل خاص، وأبناء الجنوب بشكل عام، ولكي يبقوا في هذا المستوى المتدني الذي لايتجاوز مهمة (حراسة من يقومون بسرقة ثرواتنا) فإن الجهل . والتجهيل.. والفقر.. والمرض .

وأم المصائب جميعا (ظاهرة الثأر) هي المعوقات الحقيقية التي برمج تفعيلها لكي تتكفل ببقائهم على مر الزمن محصورين في هذا الدور العجب فقط.

وبناء على ذلك فإننا نقول بكل مسئولية وشجاعة ووطنية إن الفارق بين عقلية المنخرط في حراك الجنوب السياسي، والبعض الذين لايزالون بعيدين عنا، يكمن في فهمنا نحن في هذا الحراك العظيم من جميع مناطق الجنوب بلا استثناء لجميع معاني اللعبة التي حيكت ضد الجنوب (الأرض والثروة والإنسان) تحت شعار (الوحدة)، وهي مخططات باتت مكشوفة ومفضوحة، ولا سبيل لتمريرها على أبناء الجنوب بأي حال من الأحوال بعد اليوم، خاصة وقد انطلق قطار التحرر الجنوبي من محطاته الرئيسية التاريخية وإلى الأمام.

ويكمن الفارق أيضا في أن أسماء شهداء الحراك الجنوبي مثل البكري اليافعي وعبدالناصر حماده ورفاقهما باتت رمزا من رموز التحرر، في حين- وللأسف- لم يعلم أحد منا حتى الآن أسماء من قتلوا بعضهم بعضا في شبوة .

 

وربما أن التصعيد الذي يتوالى على الممتلكات (العامة والخاصة) يساعد الحراك الجنوبي على زيادة مساحة رقعته النضالية يوما بعد يوم .

كلما يكتشف جنوبي بعيد عنا- بطريقة تلقائية لا إرادية - حجم الحق الكبير الذي نناضل من أجله بطرق سلمية صرفة، ومن حسن الحظ أن (الواقع الغبي) يقدم لنا كل يوم حادثة جديدة تساعد هذا الزخم الجنوبي على التوسع أكبر وأكثر .

وإلا لما تحدث المستثمر اليافعي الشيخ عبدالله بن عبدالله العمودي، شيخ مشايخ السعيد بما يلي: «أمام التصرفات الظالمة والجائرة التي أقدمت عليها الشرطة في محافظة عدن وأمن المنطقة الخامسة بالاعتداء على حقوق الملاك في بئر فضل، واعتقال ولدنا الشيخ رشيد العمودي، وتقديمه كمتهم أمام نيابة الأموال العامة، ولما يتعرض له أبناء يافع من مواطنين ومستثمرين في محافظة عدن، فإنني أعلن استقالتي من عضوية المؤتمر الشعبي العام، وأعلن انضمامي إلى (الأحرار) المعتصمين سلميا في عدن» .

انتهى تصريح العمودي.. وانتهى توضيحنا للآخر الجنوبي بضرورة الانتقال من حالة الدفاع عن (الخاص) إلى حالة الدفاع عن (العام) .

لأن العام مقدم على الخاص من جهة، ولأن العام إذا ما تحقق سوف يقدم الخاص لأصحابه بكل تأكيد من جهة أخرى.

*  هذا المقال نشر في العام 2008 في صحيفة الايام الغراء