الإجراءات التقشفية التي اصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي امس الى الحكومة جاءت في الوقت المناسب في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي تكاد ان تؤدي الى انهيار الدولة .. غير ان هذه الإجراءات لا تحمل في طياتها بندا واحدا يطالب فيه محاربة ومحاسبة الفاسدين ومن نهبوا ثروات هذا الشعب .
صحيح ان الإجراءات ستحد من الإنفاق الحكومي وترشيد حنفية إهدار المال العام الى حد ما ، ولكنها في نظري ليس في طياتها ما قد يعطي انطباعا للناس ان القادم اجمل في ظل خطوات تصل الى حد القبضة الحديدية على الاستهتار بالمال العام.
نعم التقشف مطلوب خاصة وان الدعم المالي السخي ما يزال يأتي من الأشقاء في دول الخليج وتحديدا المملكة العربية السعودية التي وقفت وما تزال في دعم خزينة الدولة بمساعدات نقدية او عينية عبارة عن كميات من النفط والمشتقات البترولية عبر شركة أرامكو بأوامر ملكية لتخفيف العبئ على السلطة في اليمن لتجاوز المرحلة السياسية والتسوية القائمة .
من وجهة نظري كل هذا الدعم النقدي والمساعدات العينية لن تكون مجدية ما لم تكن للسلطة ومستشاري الرئيس ورئيس الحكومة رؤية محددة او خارطة طريق للاستفادة من هذا الدعم السخي والبناء عليه لتعزيز الاقتصاد اليمني وبنائه بشكل علمي وصحيح حتى لا تتحول اليمن وقيادتها الى متسولين دائمين على دول الجوار .. من يساعدك اليوم لن يساعدك باستمرار .. وإذا لا يصلح اصحاب الشأن حالهم ، فلن تقبل دول الجوار ان تتحول اليمن الى عالة على خزائنها طالما ان السلطة اليمنية ما تزال لينة مع الفاسدين ومتساهلة في محاسبتهم .
المأسوف عليه ان هذه الإجراءات التقشفية لم تتضمن بندا واحدا يدعو الى مسائلة الوزراء الذين تفوق مظاهر حياتهم والبذخ الفاحش رواتبهم مع مخصصاتهم القانونية .. كما انها لا تتضمن بصورة حقيقية الى دعوة فئات الشعب بتقديم أية وثائق تدين اي مسؤول في نهب أموال الدولة او التكسب من منصبه ..
هذه الإجراءات على الرغم من أهميتها كخطوة اتمنى ان تنفذ ، ولكني على يقين ان شيء من هذا لن يحصل لان كل الإجراءات التي أعلنت امس لم تقم على محاسبة اللصوص والفاسدين واستعادة الأموال التي نهبها مسؤولين كبار في الدولة .. ولكنها جاءت على قاعدة " عفى الله عن ما سرق " .. وهذه القاعدة في الإصلاح الاقتصادي لن تكون مجدية طالما ان الفاسدين طلقاء وما نهبوه محتفظين به في البنوك كأنه مال شرعي من حق مكتسب.. الغريب في هذه الإجراءات التقشفية انه مطلوب تنفيذها من قبل مسؤولين تحوم حولهم الشكوك بالفساد او من تفوح روائح الفساد منهم منذ بدء العملية السياسية قبل اقل من ثلاث سنوات.
السياسي والاعلامي : لطفي بشارة