شهدت الأزمة السياسية اليمنية خلال الأيام الماضية تطورات لافتة في ظل اهتمام وضغوط إقليمية ودولية للإسراع في حلها، تفادياً لتفاقمها سياسياً وعسكرياً وأمنياً، وتوجه نحو تغيير آليات التفاوض حول الأزمة، في حين تمضي جماعة الحوثي في تصعيدها الاحتجاجي بتضييق الخناق على العاصمة صنعاء بمخيمات اعتصام تستوعب مسلحين قبليين .
وتعثرت مساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر في التوصل إلى اتفاق بين ممثلي الرئاسة اليمنية والحوثيين جراء استمرار تشبث الأخيرين باشتراطات من قبيل منح الحوثيين نسبة في التوظيف بالمناصب الحكومية الرفيعة في عدد من الدوائر الرسمية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية كجهازي الأمن السياسي والقومي وهو ما قوبل برفض قاطع من ممثلي الرئاسة .
وعلمت "الخليج" أن الرئيس عبدربه منصور هادي أبدى إصراراً على رفض الإبقاء على أي من مخيمات الاعتصام التي نصبها الحوثيون في مواقع عدة بشمالي العاصمة وعلى المنفذ الجنوبي لصنعاء وشدد على ضرورة رفع المخيمات قبل بدء تنفيذ الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه في حال تم التوافق بين ممثلي الرئاسة والحوثيين على ذلك، من جهته، قال جمال بن عمر مساعد ومبعوثه الخاص لليمن إنه يواصل مشاوراته المكثفة مع كافة الأطراف اليمنية والدولية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة الراهنة في البلاد، وأنه تباحث مع الرئيس اليمني بشأن سبل حل ألازمة .
وكان لافتاً تحول الموقف المعلن للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي يتزعم حزب المؤتمر الشعبي العام، بعد إعلان الأمانة العامة للحزب تأييدها لموقف الرئيس هادي في حل الأزمة الراهنة في اجتماع لها أمس الأول .
وسبق لصالح بيوم أن دعا جماعة الحوثي لرفع مخيماتها من العاصمة صنعاء، في حين باتت أصابع الاتهام توجه إليه بدعم الجماعة في تحركاتها الأخيرة ضد السلطة، بسبب مواقفه الضبابية التي أعلنها سابقاً وبعد انضمام قيادات مؤتمرية بينهم برلمانيون إلى مخيمات اعتصام الحوثيين التي تحاصر العاصمة صنعاء ورفع رايات حزب المؤتمر وشعاراته في التظاهرات التي سيرها الحوثيون في شوارع العاصمة .
وجاء تحول موقف حزب المؤتمر وزعيمه في بيان اجتماع أمانته العامة، عقب أنباء تحدثت عن ضغوط مارسها المبعوث الأممي جمال بن عمر على حزب المؤتمر وبقية أطراف الأزمة اليمنية، بخاصة وأن بياناً سابقاً للمؤتمر طالب برئاسة الحكومة و13 وزارة، بينها الدفاع، الداخلية، الخارجية والمالية، وهو ما أشار إلى رفضه لأية تسوية تقوم على مرجعية أخرى، غير المبادرة الخليجية .
الأبرز في هذا التطور الأخير الموقف الذي اتخذه اجتماع استثنائي موسع لقواعد وقيادات حزب المؤتمر الشعبي بمحافظة عدن، جنوبي البلاد، وإعلانها وقوفها وتأييدها للرئيس هادي في بيان تجنب الإشارة إلى صالح .
ميدانياً، أقام الحوثيون مخيم اعتصام جديداً في المدخل الشمالي الغربي للعاصمة هو الخامس في سلسلة مخيمات الجماعة المحاصرة لصنعاء، فيما أكد مصدر مقرب للحوثيين ل"الخليج" أن قيادات حوثية اجتمعت في منطقة خولان، مع قيادات قبلية موالية لها ومشاركة بفاعلية في الاعتصامات المسلحة المحيطة بالعاصمة صنعاء .
وبشأن المفوضات حول الأزمة السياسية أفادت مصادر مطلعة بأن مشاورات تجري لتغيير آليات التفاوض بين جماعة الحوثي والرئاسة اليمنية، تستهدف إشراك كل الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية، في وقت علق الحوثيون مشاركتهم في المفاوضات خلال اليومين الأخيرين .
ونوهت تلك المصادر إلى أن إشراك مختلف الأطراف السياسية في المفاوضات ينطلق من أن "الجميع مشاركون في أسباب الأزمة الحالية، فضلاً عن أن بقاء بعض الأطراف خارج لجنة التفاوض يمنحها الفرصة في تأجيج الأزمة الحالية، ويتيح لها الفرصة لرفض أي اتفاق قد يتم التوصل إليه" .
ودخل مجلس الشورى اليمني على خط الأزمة السياسية التي تشهدها صنعاء حالياً، متقدماً بتصورات خاصة لمعالجة الوضع الراهن ودعت اللجنة الرئيسة في المجلس إلى تشكيل حكومة جديدة، على أن يتوفر في رئيسها معايير التخصص الاقتصادي والإداري، والاستقلالية، والكفاءة والنزاهة وأن تُكرّس الحكومة برنامج عملها وجهودها لمعالجة الاختلالات الاقتصادية والأمنية القائمة، بما فيها إعادة النظر في أسعار المشتقات النفطية .
وأوصت اللجنة في تصورها "للخروج من الأزمة الراهنة"، بمسارعة لجنة صياغة الدستور في إنجاز مشروع الدستور، وإخضاعه للمناقشات العامة في الفعاليات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني، تمهيداً للاستفتاء عليه، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عقب ذلك، طبقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية .
وتقود الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني حملة تستهدف توسيع معارف اليمنيين حول مخرجات الحوار"ببساطة" باعتبارها المادة الرئيسة للدستور الجديد لليمن، المزمع تقديم مسودته النهائية إلى الرئيس عبدربه منصور هادي نهاية سبتمبر/أيلول الجاري .
* الخليج