لم يبقَ يا هادي في قوس الصبر منزع

2014-10-13 06:00

 

تقول العرب هذا المثل وكثيرا ما اردده . ويعني ان القوس حين تنزعه وتشده لينطلق السهم  ولتبعد الرمية وتقوى، تكسره احيانا بقوة النزع ، وهذا ما الحظه اليوم وجليا في وضع الرئيس هادي ، حيث وهو اليوم في صنعاء وقد غادر من حوله الكثيرون، ونراه وكأنه اليوم يحاول ان يمنع بكفيه هبوب الاعاصير العاتية ، وما يحاوله هو - قبض الريح - .

 

اليوم هادي في فلوات صنعاء يناوش الوحوش والضواري بسيف مكسور وبدون درع يحميه من مخالبها وانيابها وضرباتها المصوبة نحوه ، والظروف والاحداث تتفاعل وكانها تلك الحمم التي تتأجج منصهرة في عمق أعماق البركان، وما هي الا ايام لتندفع النيران متدفقة ومشعلة الارض بالحمم واللهب ، فهل ينتظر حتى ينصهر بين السنة اللهب  والآتون ام يعجل وينأى عن هذا الجحيم وذلك في أعلان قدومه الى عدن؟ ورغم انه با يرتاح لحرارة عدن وطقسها الرطب الا ان عدن قلبها  يعمل كالمكيف!!  وهي البرود كل البرود .

 

لقد عاش الرئيس هادي سنوات طوال في صنعاء ، تعلم في صنعاء كيف يصمت ويسمع بآذانه العشر كما يقول - المتنبي- وتعلم كيف يلبس الثوب وربما العسيب ويغمز ويلمز مثل أهلها ، وتعلم -وهذا هو المهم- الصبر على كيدهم وقوة مكرهم وبأسهم على بعضهم ، وعلّمته صنعاء وجباتها الشهية ومرارات كلامها المخاتل والنوم واليد تلامس الزناد، وعلمته صنعاء  كيف يتعامل مع الاعداء ويروضهم ويخلع انيابهم ومخالبهم وهم يضحكون ويتضاحكون، وتعلم وعلمّهم كيف يلعبون -البطة - ويخبىْ اوراق اليكات ولا يأكل الكنج

!! .

 

ولكن تلك الخبرات هي كمن يتعلم في -الاسكاء- تسلق جبال الجليد والمشي لمسافات بين وهاد وسهوب الثلج وتحت الرياح القطبية العاتية ، وصارت  لديه خبرات كيف يلبس فراء الدببة وينام وهو يتدثر بفراء غزال الرنة  ويقتات من لحوم الفقمة ويشرب الخل ليلا ليقيه وخزات الزمهرير .

فكل هذه الخبرات يجيدها ولكن  لن تجدي - فتيلا- ولن تنفعه في بلاد حارة يزورها الربيع مثل زيارة السلاحف لمواقع تفقيسها ، فهو وان اكتسبها كمن يكتسب ترويض - الأعفاط -  البريّة فلا -اعفاط - في بلادنا وما سوى حمام وهديل وطيور بحرية وديعة .

 

على هادي ان يحزم حقائبه وان يتأكد اين يضع صوره واوراقه و دفاتر مذكراته الشخصية  لسنوات صنعاء -العجاف- التي امضاها ونصف لياليها سهاد و نوم بنصف جفن ، ولا ينسَ  -هادي -مدوناته اليومية كرئيس ، ولابد ان مدير مكتبه - بن مبارك- قد دوّن له يومياته في القصر فهذه اليوميات ستكون افضل مذكرات وربما سوف يتم بيعها الى هوليود لانتاج فلم رعب قد ينال عليه الرئيس جائزة -اوسكار .

 

الوقت يضيق بل آزف، ولا نعرف عن ساعة الصفر في صنعاء فكل شيء في صنعاء يمضي بعجلة مخيفة والعد التنازلي والتصاعدي لا يخضع للرياضيات والزمن بل لحساب المنجمين والسحرة وأولياء الله الصالحين ، ونتوقع ان نستقبل هادي في عدن مع فريقه بقضهم وقضيضهم ، وسوف لن نرهق هادي باللوم او النقد بل سوف نُسمعه الزغاريد ونقدم له بعض الزربيان و الكاذي والفل ليتذكر عدن ومخادر عدن وتنبل عدن وشاي عدن .

 

هل يشتاق لنا هادي ؟ لا اعرف ولكننا نشتاق له ونبحث عنه ونغريه بهريسة عدن وباباي ابين وقرمش لحج  والبن اليافعي وأغنية بلفقيه ياطائرة طيري على بندر عدن .