مـلاحـظـات عـلـى فــكـرة إسـقـاط الـمـرافــق ومـخيـم الاعـتصـام

2014-10-19 18:06

 

إسقاط المعسكرات والمرافق المدنية والأمنية في عموم الجنوب في ظل غياب سلطة سياسية وأمنية جنوبية تضطلع بإدارة البلد، وفي ظل غياب قيادة جنوبية موحدة أو لنقل في ظل غياب قيادة جنوبية منضوية تحت مجلس سياسي جنوبي شامل - بصرف النظر عن اسمه - يعتبر مغامرة خطيرة وحماقة كبرى قد يجعل البلاد فريسة للفوضى ومحل أطماع لكل الخصوم، وبالذات الجماعات الإرهابية والفوضوية ناهيك عن أنها - أي فكرة إسقاط المرافق - ستكون حجة قوية لكل القوى المعادية للجنوب لإدخاله في أتون الصراع والتمزق إفشالا لمشروع استعادة دولته وتقرير مصيره.

 

وما بين قول مرغوب وفعل مطلوب يجب أن يحضر العقل والمنطق، فلم تعد عملية إسقاط هذه المرافق عملية صعبة على الجنوبيين - على الأقل في هذه الفترة التي تعصف بالقوى اليمنية عواصف الصراع على السلطة بالشمال - فالأمور توشك أن “تقاد بشعرة” على قولة الشاعر، فعملية من هذا القبيل ليست هي الأولوية اليوم لدى الجنوبيين كون السلطة اليمنية أو على الأقل السلطات المحلية بالمحافظات الجنوبية توشك أن تقول للحراك الجنوبي أقدم على ذلك قبل أن تتمكن جماعة أنصار الله من إسقاطنا، كما فعلت في عدد من المحافظات الشمالية.

 

أي أن الحاصل اليوم هو تقبل شبه كامل من قبل السلطات المحلية بعموم المحافظات الجنوبية أن تسلم الأمر لقوى الحراك الجنوبي، حتى وأن كان هذا الاستعداد نكاية بجماعة أنصار الله الحوثي.

 

بمعنى أوضح أن المشكلة اليوم لم تعد متعلقة بقوات احتلال يمنية أو بسلطات محلية، بل المشكلة بجزء كبير منها متعلقة بالجنوب نفسه، مشكلة تتمثل بمعضلة القيادة الغائبة والمشتتة، وعلى هذا فإن توحد الصف الجنوبي ولملمة شتات نخبه هو المفتاح لإسقاط الحاضر والماضي نحو رحاب المستقبل.

 

الاعتصام المفتوح الذي نصب خيامه الثوار الجنوبيون في ساحة الحرية بمدينة خورمكسر يعد تعبيرا حضاريا راقيا، باعتبار الاعتصام بمفهومه العام يعد شكلا من أشكال الاحتجاج السلمي المدني الحضاري.

 

لكن هذا الاعتصام - أي الاعتصام الموجود بخورمكسر - لو حسبنا مكاسبه ومضراته من باب الربح السياسي والخسارة السياسية على الثورة الجنوبية ربما - وهذا رأي شخصي - أن كفة الضرر قد ترجح كفة المكسب، لهذه الأسباب التي أتمنى أن أكون مخطئا وأنا أعددها:

 

1 - أن الجنوب يعد ساحة واحدة لثورته ولم يحصر نفسه بساحة محددة منذ انطلاقته حتى وإن كانت ساحة مهمة كساحة العروض بمدلوليها المكاني والسياسي.

 

2 - أن الوضع الأمني الذي يمر به الوطن ومنه عدن يجعل المعتصمين أمام أمرين إما قطع الطريق المحاذي للمخيم، وهذا القطع سيتأذى منه الكثير من المواطنين، وخصوصا إن طالت فترة الاعتصام، وإما أن يسمحوا بفتح هذا الطريق، ويكون المخيم عرضة لأي عمل إرهابي، لا قدر الله.

 

3 - أن التبرعات المالية والعينية التي يلتهمها هذا المخيم ستكون على حساب تبرعات مستقبلية ضرورية وماسة كحاجة علاج الجرحى وأسر الشهداء وغيرها من الاحتياجات المهمة لمثل هذه التبرعات.

 

4 - الخشية أن تستغل القوى التي تناصب الجنوب عداء أهدافه التحررية الفرصة وتجعل من هذا المخيم مرتعا للعصابات والبلاطجة، وتوزيع وتعاطي الممنوعات، ويكون الحراك الجنوبي في فوهة مدفع الاتهام.

 

5 - نصب الخيام كما نراه اليوم بأسماء محافظات ومناطق جنوبية ليس من الحكمة بشيء، وإن كانت هذه النقطة قابلة بسرعة للتدارك وإلغاء هذا التمايز المناطقي لكنها تظل سلبية على جنوب تذوب فيه المنطقة والقبيلة في منطقة كبيرة اسمها الجنوب.

 

6 - زد على ذلك - وإن كانت هذه نقطة ثانوية إلا أنها مهمة - وهي معضلة عدم وجود دورات مياه قريبة من المخيم في ظل تواجد أعداد هائلة من المعتصمين، ولنا أن نتخيل الوضع بالساحة والشوارع المجاورة.

 

حكمة: “إذا نُصِرَ الرأي بطُل الهوى”.

* الأيام