كانت وستظل عدن هي البندر وهي مدينة البدايات الأولى، عدن مدينة الحضارة الأولى في المنطقة، مدينة الحب والسلام، مدينة الأمن والأمان (بفضل الله ورعايته).. عدن مدينة التعايش الديني والمذهبي والثقافي والتعدد الفكري والسياسي والمناطقي والحزبي.. عدن التقى فيها الناس من كل البلدان والمناطق، عاشوا فيها بحب وتعاون واحترام، بعيداً عن النعرات والتعصب المقيت الذي يطبل له اليوم بعض مرضى النفوس، ذلك بأنهم لم يقرؤوا تاريخ عدن منذ الأزل، وإنهم بدعواهم المريضة لايحبون عدن ولا تعزّ عليهم، فهم يلهثون وراء مصالح شخصية أنانية لايقبلها أبناء عدن ولا هي من ثقافتهم.
عدن كانت وستظل مدينة الحضارة في كل مناحي الحياة، وهي ملك لأبنائها ولكل من ورد وعاش فيها جيلا بعد جيل.. وتعالوا لنقرأ سوية جزءا من تاريخ هذه المدينة، ففيها وجد أول ميناء عندما أعلن عن الميناء الحر عام 1850م، وافتتح فيها أول مكتب للبريد 1830م، وبدأت صناعة الملح عام 1886م، وفي نفس العام تأسست الغرفة التجارية والصناعية قبل غيرها من الدول، وتأسس أول نادٍ رياضي عام 1905م نادي الاتحاد المحمدي (m.c.c).
وفي عدن ظهرت خدمات إصلاح السفن ممثلة بعدد من الشركات أهمها شركة (البس) و(لوكتاس) و(كوري براذرز) وشركة (ستالكو)، التي كونت بعد الاستقلال شركة أحواض السفن الوطنية، هذه الشركة العملاقة التي عمل المفسدون والمبطلون على إسكاتها وتعطيلها عدواً وبغياً، ذلك أنهم لاتهمهم عدن بشيء.
وفي عدن ظهرت الصحافة والنشر والطباعة بدءًا من 1940 ممثلة بـ(فتاة الجزيرة) وما تلاها من صحف وطنية ومنها هذه الصحيفة المهنية المتألقة صحيفة «الأيام» التي حاولوا واستماتوا لإطفاء شمعتها ووهجها، ولكنها ـ بفضل الله - ستظل مؤدية رسالتها الوطنية كما رسمها عميد «الأيام» الفقيد محمد علي باشراحيل (رحمه الله).
وفي العام 1954 وضع الحجر الأساس لأكبر مستشفى في المنطقة وهو مستشفى الملكة (اليزابيث) الثانية التي وضعت له حجر الأساس في أبريل 1954م وافتتح في أغسطس 1958م وظل مستشفى مرجعيا لكل المناطق في الوطن.. وفي نفس العام 1954م دشن العمل في إذاعة عدن، ثاني إذاعة في البلاد العربية بعد إذاعة (صوت العرب)، وفي 29 يوليو 1954م دشن العمل في أضخم مرفق اقتصادي تشهده المنطقة ممثلاً بمصفاة عدن للنفط، وفي 1956م تم تأسيس أول مدرسة لتدريب وتأهيل الأيادي العاملة في الحقل الصحي ممثلة بمدرسة التمريض في كريتر، وفي العام نفسه تأسست مدرسة تدريب وتأهيل أفراد الشرطة بكريتر.
وفي العام 1964م، افتتح تلفزيون عدن باعتباره أول تلفزيون في المنطقة.
وفي عدن تأسست العديد من المدارس والمعاهد، وأهمها معهد الشيخ محمد سالم البيحاني.. وفيها تأسس العمل النقابي منذ الخمسينات والنشاط الطلابي والنسائي وتأسيس الأحزاب الوطنية التي كانت باكورة النضال الذي كلل بالاستقلال عام 1967م.
عدن تعايش فيها الناس من مختلف المناطق ومن البلدان الأخرى ومن مختلف الأفكار والديانات والمذاهب، فهناك المساجد والكنائس والمعابد، تعايش فيها الجميع بحب وتعاون واحترام لوجهات النظر.
هذه هي عدن، وهذا هو جزء من تاريخها الذي يجب قراءته واستيعابه من قبل أولئك الذين ينادون اليوم بشعارات رخيصة ويثيرون النعرات الباطلة.. نقول لهم: عدن ستطل مدينة الحب والسلام ومدينة الأمن والأمان والتعايش بين الجميع.
* بقلم : علي راوح - الأيام