الأخ اللواء/عيدروس الزبيدي محافظ محافظة عدن المحترم
بعد التحية
الموضوع:/ ذاكرة عدن الثقافية
حبا الله سبحانه وتعالى عدن بموروث تاريخي اصيل يعود عمره إلى آلاف السنيين . وهوثمرة كفاح القدماء من أبناء عدن الخيريين . ويتمتع هذا الموروث بتنوع متفرد يعكس الخصوصية الجغرافية لهذه المدينة والتنوع العرقي والمذهبي البديع لها والنشاط التجاري التاريجي ، والموروث الخدمي ، الإداري والسياسي للإدارة البريطانية التي حكمت عدن لفترة لا تقل عن 128 سنة . وأصبح هذا الموروث ذاكرة ثقافية حية تتعانق مع أجسادنا صباحا ومساء ، ونحن نطوف حول مساجدها ومعابدها وكنائسها وشوارعها وأسواقها. وتلامس أنظارنا أسوارها وقلاعها الرابضة في أعلى جبال عدن . ويتجول رجالها ونساؤها في شوارع عتيقة طافت العالم واختزلته في تسميات متصلة باقوام من سكنوها، ولم تنكرها الذاكرة العدنية رغم تعاقب السياسات على عدن ، وتعايشت هذه المدينة مع الآخر في آخاء وتقبل محب.
ويقدم هذا الموروث اليوم عدن لأبنائها المعاصرين وللعالم وللتراث الإنساني في صورة المدينة العالمية الاستثناء التي لا تتكرر . وقد أصبح هذا الأرث التاريخي ملكا ثقافيا لعدن يعتز به أبناؤها ، ويعتبرونه هويتهم الثقافية إلى العالم ، بل ومصدرا تنمويا يجب أن يصان ويوظف توظيفا تنمويا سليما .
وقد عانت عدن في ظل سلطة الوحدة الكثير من الهدر الممنهج لهذا الموروث . وتعددت صوره هذا الهدر على النحو التالي :-
1- أهمال مدروس لمكونات التراث التاريخي وعدم صونه،
2- تعطيل للقوانين المنظمة له ، وإدخال مقصود لملامح معمارية ومواد بناء منافية لموروث هذه المدينة
3- إحاطة مكونات هذا الموروث ببناء عشوائي طال شوارعها وامتد حتى جبالها ، بل وردم بحارها
4- بيع بعض المواقع التاريخية للأفراد.
5- استبعاد عدن من برنامج صون وإعادة التأهيل والتوظيف السليم لمكونات الموروث الثقافي
6- استهداف هذا الموروث بغرض " تشويه هوية عدن الثقافية "
واليوم وصل إلى مسامعنا ((أنكم قد وجهتم بصرف مبنى المجلس التشريعي لعدن وتشغيله لبعض المواطنين)) . ومع كل تقديري واحترامي لدوركم المتزايد في تطبيع عدن وإعادة الوجه الأصيل لها . إلا أننا نعتبر هذا التوجيه لا يخدم الموروث الثقافي لعدن ولا يعمل على تطبيع الحياة الاجتماعية في عدن ، ولن يبتهج له أبناء عدن ويصفقون . بل وسيفتح أمامكم تحديدا أبواب المطالبة المتزايدة للحصول على فرص مماثلة . وستصل المسألة إلى نتيجة مأساوية للموروث الثقافي لعدن لا أتمناها على أيديكم الكريمة أو لشخصكم المناضل القدير .
وبصفتي الرسمية والعلمية أوجز لكم هنا محاذير مثل هذا التوجية ، وذلك على النحو التالي:-
• المواقع التاريخية ملك للسلطة الرسمية ولا يجوز حيازتها لأفراد
• يناط التوظيف الاستثماري للمعالم بالجهات الرسمية
• سيؤدي تسليم المعالم التاريخية للأفراد من منظور المعايير المتبعة لصون التراث إلى إهلاك للمعالم ، أما بسبب عدم الدراية ، أو طبيعة الخدمة ، أو حتى الزيارات المتتالية من قبل المرتادين للموقع . وكلها تلتقي عند قاعدة " الإهلاك المنظم للمعلم "
إن جذب الشباب والقطاع الخاص للاستثمار الثقافي إتجاه مثمر واجب عليك تأسيسه وواجب علينا تشجيعه بل ومن حق الشباب الاندماج في سوق العمل في الأنشطة الثقافية . لكنه يجب أن يقوم على أسس دقيقة تحقق اهدافها لجميع الأطراف . تستبعد نهائيا تسليم المواقع التاريخية الرئيسية وتنحصر في محيطه ، وفي مهن وخدمات تعزز من القيمة التاريخية للمعالم المحيطة به.
وقد سبق لنا أن تقدمنا لمن سبقوكم في هذا المنصب رؤية شامل تتلخص في التوظيف الأمثل للمكونات الموروث الثقافي لعدن . كما كانت هناك جهود طيبة لنا معهم ، لكن الحرب العبثية على عدن أعاقت الاستمرار. ونحن على استعداد للتواصل معكم بشأنها .
وعليه ، فإن الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار تتطلع من خلالكم إلى تقديم العون الممكن لها ولحلفائها من منظمات المجتمع المدني وكافة أهالي عدن ، وذلك من خلال رسم توجهات وبرامج تعزز من القيمة التاريخية والموروث الطبيعي لعدن وتمكّن من التوظيف السليم لهذا الموروث . وترسم في أذهان أبناء عدن ملامح التقدير والاحترام لموروثها والانتماء إلى ترابها ، وذلك بإعلان عدن " محمية تاريخية " الذي يعد الوسيلة الوحيدة لصون هذا الموروث وتوظيفه بطرق سليمة .
ودمتم
الدكتورة أسمهان العلس
الأمين العام
• الأخوة :- وكلاء عموم محافظة عدن
• الأخ :- مأمور مديرية عدن
• الأخ :-مدير عام مكتب الثقافة – عدن-
* الأخ مدير عام مكتب اللهيئة العامة للآثار والمتاحف