قادة المشترك .. التاجر الذي يحترف بيع الوطنية

2016-02-12 05:07

 

ما اقترفه قادة المشترك في حق الشعب اليمني لا يمكن إدراجه في خانة "سوء التقدير". وإنما هو سوء الطوية تجلت تدريجيا منذ اليوم التالي على جمعة الكرامة، عندما قرر اللقاء المشترك مواراة جثامين شهداء تلك الجمعة الدامية سريعا، وشرع في اتصالاته السرية مع صالح من أجل تقاسم السلطة.

 

قادة المشترك هم سياسيون محترفون، والسياسي بالتعريف هو"التاجر الذي يحترف بيع الوطنية"، ولذلك هم تجار شطار!

تاجروا بدماء الشهداء وعذابات الجرحى، تاجروا بالثورة وبحروب صعدة وبالقضية الجنوبية، ثم كانت هذه الحرب الكبرى مشروعهم االاستثماري الأعظم بالتشارك مع الحوثيين والرئيس السابق صالح.

 

إن اخطر ما يواجه اليمنيين بعد هذه الحرب المدمرة، هو مخططات قادة المشترك (وحليفهم الرئيس المؤقت الذي صار بفضلهم، بالحوار وبالحرب، مستداما) لاستثمار هذه الحرب لصالح مشاريعهم الذاتية والتجارية والعصبوية.

 

لو أن الأمر مجرد سوء تقدير (على الرغم من أن سوء التقدير جريمة فظيعة في لحظات فاصلة كلحظة ثورة 2011) لرأينا قادة المشترك يعتذرون علنا للشعب وللثوار وللجرحى ولأسر الشهداء. لكن "آلهة المشترك" لا يعتذرون أبدا عن خطاياهم لانهم معصومون في نظر اتباعهم الحمقى، وها هم في زمن الحرب يواصلون نشاطهم التجاري والترويج لمنتجاتهم الفاسدة، تماما كما كانوا يفعلون في زمن الحوار.

 

استحوذ المشترك على نصف السلطة الانتقالية، وبدأ بتجريف الثورة والدولة معا، بالمحاصصة السياسية اولا، ثم بالتمييز في المواطنة في مؤسسات الدولة ثانيا، ثم بتعطيل المسار الانتقالي ثالثا. وهكذا تقدم قادة المشترك أولا للتمتع بامتيازات السلطة بتعيينهم في مواقع بروتوكولية. ومن بعدهم تقدم أزلامهم وأقاربهم إلى القطاعين الحكومي والمختلط في عملية إحلال همجية تذكر بما حصل في اعقاب حرب 1994. وفي الأثناء كانت الغرغرينا تزحف على روح الثورة وعلى "أطراف" جرحى الثورة المنسيين في الساحات وفي المستشفيات وامام بوابة حكومة الوفاق!

 

اللقاء المشترك تمكن بالمناورة والخداع والتضليل، والقمع والإرهاب أيضا، من جعل ثورة الشعب اليمني محض ورقة ضد صالح لانتزاع مكاسب في السلطة. وبعد الالتفاف على الثورة بالمبادرة الخليجية، وبخاصة بالآلية التنفيذية، بدأ التحضير للحوار الوطني فتقدم المشترك (بالتعاون مع الرئيس المؤقت هادي) مرة أخرى لاستثمار القضايا الوطنية سياسيا، وهكذا صارت "القضية الجنوبية" في مرحلة التحضير للحوار الوطني اداة لتمرير مخططات تقويضية للجمهورية وتفتيتيتة للمجتمع. هكذا جرت المضاربة الدنيئة بين ثورة الشعب اليمني في فبراير 2011 وبين استحقاقات القضية الجنوبية. وكذلك صار الرئيس هادي، وهو أحد أبطال حرب 1994 الاجتياحية للجنوب، وأحد اسباب تفاقم معاناة قطاعات واسعة من الجنوبيين، زعيما لحراك تم تخليقه بأنابيب السلطة وبتواطؤ من المشترك، وبتشجيع من الدول الراعية.