من حسن الطالع أنني وأثناء إقامتي في المملكة العربية السعودية، في عاصمتها -الرياض- كنت أتردد على محل تجاري إسمه - سوبر ماركت الرياض- لصاحبه رجل الأعمال-الخيّر- المرحوم الشيخ علي أحمد بانافع. طيب الله ثراه. والشيخ - بانافع- سعودي الجنسية من أصول جنوبية من العوالق - الصعيد –
كان -با نافع- رجل أعمال عصامي ويتميز بالزهد والتواضع والورع ، بنى ووطد كيانه الشامخ بجهده وكده وفطنته، حتى أصبح من كباررجال الأعمال في المملكة. كان يتردد - زائراً- في تلك الأيام على -الرياض- الشيخ - أحمد بن فريد الصريمة- رجل الأعمال الذي ذاع صيته في مجال المقاولأت في الخليج العربي وحقق نجاحاً غير مسبوق.
كنت أحرص أن يدعوني الشيخ - با نافع- الى وليمة الغداء التي يقيمها على شرف الشيخ - بن فريد- ، لأنني سبق وأن أستمعت الى قريبي المهندس- يحيى سيف المفلحي- وهو يحدثني عن شخصية هذا الشيخ وعن سجاياه وقوة ذكائه وفطنته بل نبوغه، كان قريبي يردد على مسامعي أن كلية -البيومي- في عدن لم تشهد طوال تاريخها طالباً بذكاء -بن فريد- وشهد له بذلك - كما قال- الأساتذه وإدارة الكلية، التي كانت أرقى صرح علمي في عدن والجزيرة العربية .
كنت ولحسن طالعي أتشرف بحضور مأدبة الغداء، وهدفي هو الإستماع الى حديث - بن فريد- ذو الشجون وأنهل من وعيه وحكمته وشيّق حديثه، فهو مُحدث لبق ورجل موسوعي ومحامياً تخرج من -أرقى الجامعات في بريطاينا .
وعن رجل الأعمال - بن فريد- فقد حقق نجاحاً مدوياً في قطاع المقاولات في الخليج ، وأستقر به المقام في -سلطنة عُمان- التي عشقها وهام بها، وجذبه اليها طيبة أهلها وصفاء سريرتهم وأصالتهم وكرمهم، فهم محبة وتواضع تمشي على الأرض.
لا زال هذا الرجل، والهامة الشامخة الذي شرّده وظلمه وطنه، لا زال يهيم بالوطن رغم أن وطنه أثقله بالهموم وأوجعه بكل جراحاته وحد نصاله، لكنه الأصيل الذي لا يعرف قلبه الحقد ولا تسكن مشاعره إلاّ التسامحات والحب والغفران .
أنكر هذا الوطني جرحاته الدامية، وعميق الطعنات التي وجهت الى صدره المكشوف، فكفكف دموعه ولعق جراحاته بل وشمخ بحبه وإخلاصه ووفائه، فهو اليوم يقدم الكثير للوطن، ويتابع ملفات الجرحى ويستمع الى أنين المكلومين. يساهم في الأغاثات وفي الحملات الصحية لمكافة حمى الضنك ويجود بالتبرعات والأعمال الخيرية، ويحمل في قلبة النقي فيضاً زاخراً من الوفاء والحب. حب أضناه حتى أرهقه وأوهنه ووطد عناءآته في حديثة الكليم عن وطنه، الذي شرده صغيراً وحمّله حزنه كبيراً. كم سمعته يتنهد ويتألم على وطنٍ جميل رائع بريء، تُرك فريسةً للأشباح والقراصنة والماكرين .
مثل هولاء المحسنون الأخيارالأنقياء، الذين تضج قلوبهم بحب الوطن والإنسان، مثل هولاء الأذكياء المخلصون، تناساهم وتنكر لهم الوطن، بينما هم ضمير الوطن وقلبه النابض بالحب والأمل والوفاء. لقد أخبرني الكثيرون انهم وفي كل مرة يستمعون الى هذا الرجل وهيامه بوطنه، فكلما يسمعونه وهو يتحدث بصوته الكليم عن الإنسان والوطن يشعرون بالصدمة فكيف أضاع الوطن، وشرد هولاء الاخيار؟.
كم يؤلم -بن فريد- في أن هناك من حال بينه وبين الوطن ولم يمنحوه فرصة خدمته والنهوض به من عثراته وهواناته ونكباته المتلاحقة. كم تحدث عن مشاريع الكهرباء وأنقاذ الوطن من وعثاء الظلمات وكم تحدث عن مشاريع الجسور والطرق والمراكز الطبية المتقدمة والمتخصصة، ولكن لا صوت يعلو على صوت المكر والهرطقات في وطني المقهور.
كم جريح وكم عليل وقف معه وسانده الشيخ -أحمد بن فريد-. كم مشرد تذّكره وأواه وواساه. بهولاء الأخيار يفخر الوطن وترقى ألإنسانية. هل سمعتم ان الوطن كرّم -بن فريد- بوسام رفيع تقديراً لأدواره ووطنيته وحبه للأرض والإنسان، الذي حمل معناته معه أينما حل وأرتحل.
لا يكتفِ هذا -المُحسن- أن يعطي الكثير،بل ويشفع العطاء بفيض من حبه الغزير الزاخر.
وأفضل الناس من بين الورى رجلاً ** تــُقضى علي يده للناس حاجاتُ
*- بقلم فاروق قاسم المفلحي – برانتفورد كندا