كفاح أبناء عدن المسكوت عنه .. وراكبي الموجة من المقاولين

2016-06-30 10:11
كفاح أبناء عدن المسكوت عنه .. وراكبي الموجة من المقاولين

صورة تعبيرية للمقاوم الحافي الشهيد بكار عوض بكار

شبوه برس - خاص - عدن

كفاح أبناء عدن المسكوت عنه .. وراكبي الموجة من المقاولين

 

مراد (أبو عبدالله) صديق مراتع الصبا والدراسة حفظه الله, ومن سكان منطقة شعب العيدروس وكان كأي رجل عفيف من أبناء عدن الطيبين لديه باص صغير يعمل عليه ليعيل أسرته.  وعندما غزت عصابات الحوتي وعفاش عدن, كان من أوائل الرجال الصفوة الذين لبوا نداء الواجب للدفاع عن الدين والشرف والأرض وتقدم إلى منطقة خورمكسر مع غيره من خيرة وصفوة أبناء عدن لوقف تقدم الحوتيين إلى عدن.

 

التقيت بصديقي مراد اليوم في مسجد الرحاب بعد فترة غياب طويلة منذ قيام الحرب على عدن وجلسنا نتبادل أطراف الحديث ولأننا شاهدته وهو يصاب برصاصة القناص في عضلة يده في ثاني يوم من الغزو فسألته عن حاله وعن ما حدث في اليومين الأولى من الحرب فحكى لي قائلاً: "في اليوم الأول من تقدم الحوثيين ذهبت إلى خورمكسر وكان تقدمهم مهول بأسلحتهم الثقيلة والضرب شديد علينا ونحن نقاتلهم بسلاحنا الآلي الصيني فقط, وكان بجانبي شاب عدني لا أعرفه ولا أعرف أسمه أو أين يسكن وكان يلبس معوز فقط بدون شميز او جرم وحافي القدمين وكان يقاتل إلى جانبي قتال الأبطال حتى أُصيب في رقبته وقد أسعفناه إلى مجمع القطيع ولكنه فارق الحياة (عليه رحمة الله). 

ويتابع مراد قائلاً: تصدق يا بلال بأن سلاح هذا الشاب الآلي الذي قاتل به بشراسة وهو عاري الجسد لازال معي أمانة حتى أعرف من أهله لأعطيهم أياه, ويضيف مراد, ونظراً لقلة الدخيرة لدينا ولم يدعمنا أحد حينها لا تحالف ولا الذين نهبوا السلاح وهربوا به إلى مناطقهم كان لزاماً علينا أن ننسحب من مواقعنا إلى كريتر وأستمرت المناوشات بيننا وبين الحوثيين, وثاني يوم كنت قد تمركزت عند المجلس التشريعي أنا وبعض الشباب وقاتلناهم وأوقفنا تقدمهم ولكنهم كانوا يقصفوننا بالمدرعات والبي أند بي حتى يصفوا الطريق للقناصة ليتمركزوا فوق الجبال والمباني وتحقق لهم ذلك لقلة عددنا وعتادنا, وبعد طلوع القناصة وإنسحابي من جانب المجلس التشريعي أطلق علي القناص المتمركز فوق الجبل النار وأصابني في خلف عضلة يدي اليسرى وقطع العرق الواصل بين العضلة والذراع حتى أنني لم أستطع تحريكها ونزفت كثيراً وأسعفوني إلى مجمع القطيع وأوقفوا الدم ولكن النزيف كان مستمر بين فترة وأخرى نظراً لعدم وجود الدعم الطبي في مجمع القطيع وبعد يومين جاءني صديق لي وقال يا مراد خلينا نقول بسم الله ونروح مستشفى الوالي لأنك لو أستمريت بهذا الحال با تموت وذهبنا إلى المستشفى متجاوزين نقاط الحوثيين بفضل الله ومكث في المستشفى شهرين تحت العلاج حتى تعالجت.  وبعد خروجي من المستشفى ذهبت مرة أخرى لأقاتل  يونيو مع اخواني في جبهة بير أحمد وهناك أصبت مرة أخرى في أعلى الفخذ والتي أعرج بسببها إلى يومنا هذا وأمشي بعكاز كما ترى.

 

مراد (أبو عبدالله) يا جماعة لم يعد يستطيع السواقة على باصه بعد الإصابتين اللتين لحقت به ويعمل حالياً في محل لبيع مواد البناء في كريتر, ولم يعمل مثل غيره من الشباب الذين ركبوا الموجة وصاروا بقدرة قادر أبطال ومقاومين وهم لم يطلقوا حبة رصاص أو رآهم أحد في جبهات القتال واليوم هم من أقتلبوا حاميين الحمى يتبلطجون ويبسطون وينهبون ويروعون العامة, أما مراد وغيره من أبناء عدن الصفوة الذين بحق كانوا من الرجال الأوائل الذين وقفوا في وجه عصابات الإجرام الحوثوعفاشية فعاد إلى بيته ليعيل أسرته ويسترهم, لم يتبلطج أو يمشي متبجحاً بسلاحه مثل رامبو بشوارع عدن مثلما يعمل البعض في أيامنا هذه, رأيته شريفاً عفيفاً يمشي بعكازه لكنه أسد مغوار وقت الشدة أدى واجبه تجاه مدينته على أكمل وجه ولكن لم يلتفت إليه أحد حتى يومنا هذا أو يتبرع بعلاجه وتقديم العون له.

 

مراد لا يعلم بأنني سوف أكتب عنه وكتبته دون دراية منه فقط لكي أوفيه حقه كصديق عزيز لي لأن مراد عمل كل ما عمله خالصاً لوج الله ومن اجل بلده  وليس للتباهي, أمثال مراد من أبناء عدن الأشاوس هي نماذج قدمت الغالي والنفيس وتواروا عن الأنظار بكل هدوء ولم ينتظروا شئ من أحد ولا يسألون الناس إلحافا لأن ما عملوه هو للدفاع عن الشرف والأرض والدين وفداءً لهذه المدينة الباسلة حرسها الله من كل مكروه. 

 

بلال غلام حسين

29 يونيو 2016م