أشرنا في مقال سابق في هذا الموقع إلى أن مؤامرتي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والاحتلال اليمني للجنوب العربي، تقف خلفهما بريطانيا التي كانت تحتل البلدين العربيين، فلسطين والجنوب العربي. وهي التي وعدت اليهود بمنحهم وطناً قومياً في فلسطين باعتبارها "أرض الميعاد" بعد شتات دام آلاف السنين، لكنها غطّت على تنفيذ وعدها بأن أوكلت إلى عصابة "الهاجاناه" اليهودية تنفيذ أعمال العنف المسلح التي استهدفت الإنجليز والعرب، لتسلّم بريطانيا في النهاية فلسطين لهم عام 1948.
وفي الجنوب العربي، سلّمت بريطانيا استقلاله عام 1967 لاحتلال يمني بعد عنف مسلح دام أربع سنوات، يدّعي هو الآخر أحقيته بأرض الجنوب تحت غطاء تحقيق "الوحدة اليمنية" التي لطالما رفضها شعب الجنوب، فُرضت عليه بالقوة، بدءاً من استعارة اسم اليمن للجنوب تمهيداً لتسليمه، بعد أن ظلت بريطانيا تدير فيه لعبة صراع المراهقين السياسيين طيلة ربع قرن تقريباً، حتى أتى نظامهم القومجي المتمركس المتلوّن على عينه.
أما بذبح بعضهم بعضاً أو بتشريدهم في المنافي، حتى لم يبقَ منهم إلا واحد، سلّم وطناً قائماً بذاته للمحتل اليمني.
وها نحن اليوم نبحث مجدداً عن استقلال آخر، طارحين مقترح "حل الدولتين" المطالب به في فلسطين. ألم أقل لكم إن مصدر مؤامرتي الاحتلالين الإسرائيلي لفلسطين، واليمني للجنوب، هو بريطانيا الخبيثة؟ وهي التي ستقرر ما تريد في كل من فلسطين واليمن.
وأحسب أن حل الدولتين في كليهما هو الأرجح والواقعي.