مصداقيتها تغلب ألف تقرير حقوقي ولا تحتاج مراقبين دوليين
أجساد المصابين تكشف وحشية الانقلاب ورعبه في اليمن
عدن : بسام القاضي
مع كل رمشة، تتجسد في عيني عبدالناصر صالح محمد 53 عاماً وهو من المدنيين المصابين إثر اعتداء الانقلاب في اليمن آلام شعب لطالما بات يحتفظ بشواهد جرائم الحوثي وصالح .
يرقد عبدالناصر في سرير مستشفى بعدن بعد إصابة عينيه وأجزاء أخرى بجسده، نجمت عن شظايا قصف الانقلاب على منطقة آل حميقان بمحافظة البيضاء جنوب شرق محافظة صنعاء .
في مستشفى الوالي بعدن، تكشف علامات الألم والإصابات في أجساد المصابين جرائم الانقلاب ورعبه.
ولن ينسى الطفل وسام ذلك اليوم الأغبر، الذي جعله يتردد من سريره إلى فناء المستشفى بدلا من تردده على مقعد الدراسة والمقهى وساحة الدراجات في تعز، كان يحلم أن يكون هو من يحمل العلاج إلى والدته المصابة بالسكر عوضا عن جلوسها إلى جانبه.
يقول سالم الوالي مدير مستشفى الوالي بعدن ان ما يقارب 500 جريح تم علاجهم في المشفى على نفقة مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الانسانية من 7 محافظات يمنية هي عدن ولحج وابين وتعز والبيضاء والضالع وشبوة .
وأضاف الوالي في حديث لـ «الشرق الاوسط» نشكر مركز الملك سلمان على توليه تكاليف مئات الجرحى الذي نتولى في مستشفى الوالي علاجهم جراء اصابتهم في الحرب التي تشنها الميليشيات على البلاد منذ اكثر من عام .
تثبت علامات الإصابات في أجساد الجرحى جرائم الانقلاب وحشيتها ، فمصداقيتها تغلب ألف تقرير حقوقي أو مناشدة، ولا تحتاج مراقبين دوليين .
فلا زال عشرات الضحايا المدنيين من الاطفال والمسنين والشباب في محافظتي تعز والبيضاء وبعض المدن اليمنية الاخرى يتساقطون تباعا برصاص قناصة وقذائف ميليشيا الحوثيين وصالح .
جميع اولئك المصابون كان ذنبهم الوحيد أنهم مدنيين صادف مرورهم في شوارع تلك المدن أو يقطنون أطرافها المتاخمة وهم يحلمون بانتظار بارقة آمل تزف السلام وان توقف الحرب اوزارها وللابد .
الجريح صالح مسعود عبدربه من ابناء حطيب بمحافظة شبوة شرق البلاد شاب بعمر الزهور هو الاخر لازال يرقد على سريره في مستشفى الوالي بعدن لتلقي العلاج جراء اصابته بطلقتين في اليد والرجل اليسرى ، وفي عينياه تقرأ مدى الوجع الذي يحز في قلب كل يمني غيور على وطنه جراء جرم ووحشية الميليشيات المدعومة من ايران .
وجوه متعددة اطفال وشباب ومسنين تحتضنهم اسر مشافي عدن على نفقة مركز الملك سلمان لازالت اجساد بعضهم تتساقط يوما بعد يوم في أماكن مختلفة ومواعيد متعددة تقتنصهم رصاصات الغدر والإجرام لميليشيات ارهابية جاهلة فقدت روح الإنسانية تقتل وتقنص بدون رحمة ولا خوف ولا وازع من ضمير.
يعود المدير سالم الوالي ليقول ان ادارة المستشفى تبذل جل جهودها لتقديم كامل الرعاية والعناية لمن قدموا اجسادهم لحماية الوطن ضمن عقد وقعته ادارة المشفى مع مركز الملك سلمان ، مشيراً ان المرحلة الاولى تضمنت معالجة 380 جريح من عموم المحافظات المحررة ، وحتى أمس الاول وصل عدد الجرحى الخاضعين للعلاج ضمن المرحلة الثانية الى 97 جريح .
الطفل جمال ناصر 15 عاماً من ابناء عدن هو الاخر يجسد جراحه صور جرائم ميليشيات على وطن بالكامل ، جمال اصر اثناء زيارة «الشرق الاوسط» للجرحى على نقل شكره لمركز الملك سلمان الذي تكفل بعلاجهم ، كما شكر دول التحالف ومستشفى الوالي على رعايتهم له وما يقدمونه من مساعدة وعناية له ولكثير من جرحى الحرب حد قوله ذلك .
ووثقت «الشر الاوسط» حكايات جرحى من المحافظات المحررة٬ عدن٬ ولحج٬ وتعز٬ وأبين والضالع٬ والبيضاء٬ وشبوة٬ الذين يتلقون علاجهم على نفقة مركز الملك سلمان في مستشفى الوالي بحي المنصورة وسط العاصمة المؤقتة عدن.
عماد عقلان احد جرحى مدينة الضالع أصيب في الثالث عشر من ابريل من العام الماضي 2015 لازال يعاني من اصابته بقذيفة حوثية كان قد نقل حينها الى يافع ثم بمحافظة لحج ليتطلب نقله بعد التحرير الى عدن حيث يتلقى العلاج على نفقة مركز الملك سلمان منذ اشهر .
تتوزع اصابات الجرحى في اماكن الرأس والرقبة والصدر جراء طلقات قناصة حوثيين مدربين اعلى تدريب لا تجيد سوى اصطياد الارواح بكل جرم ، فيما شظايا قذائف الميليشيات هي الاخرى تتقاسم اجساد الضحايا المدنيين بنسب متفاوتة ، تلك الجروح الغائرة ستبقى ماثلة للعيان تجسد مدى الاجرام الحوثي بحق الوطن والمواطن.
وسام ابن تعز الحالمة وذو 16 ربيعاً المفعم حلماً بانها دراسته الثانوية هو الاخر سقط جريحاً برصاص قناصة ميليشيا القتل والاجرام ضمن موكب الالاف الضحايا المدنيين الذين لازالت تعز تنزفهم دماً والماً حتى اليوم .
لم يكن وسام يحمل بندقية حين جرح وفقد احد اطراف جسده بل كان يحمل الادوية لوالدته التي تعيش في ريف المدينة تعاني الضغط والسكر وضيق حصار الميليشيات الانقلابية منذ عام ونيف .
خرج الطفل وسام لجلب العلاج لوالدته ولم يكن يعلم ان ثمة رصاصة آثمة تنتظره ، لا تخجل من طفولته ولا من الم ومعاناة والدته فأصيب برصاصتي قناص حوثي احداهما سلبته اطراف يديه اليمنى .
تعز الحالمة التي تضج بأغاني الحياة والسلام ، لازالت تنزف وتقتل على أيدي ميليشيات لا تعرف سوى لغة القتل والاجرام وترديد شعارات الموت لأمريكا الموت لإسرائيل والضحايا من بني جلدتهم مسلمين بالفطرة .
لا تستحق تعز الجريحة أن تكون ميدانا مفتوحا للموت القادم من أعالي الجبال يدفعهم الجهل والحاجة وتدفع زعيمهم قوى خارجية عينها على باب المندب وعدن التي طردتهم وتحررت من احتلالهم قبل عام ونيف من اليوم .
معاناة الجرحى ضحايا قذائف الميليشيات الانقلابية ورصاص قناصتهم الوحشية حكايات مؤلمة وجروح غائرة لازالت ماثلة في أجسادهم تجسد مدى وحشية الحوثيين تجاه اخوتهم وبني جلدتهم .
*- بسام القاضي عدن