أحداث مطار عدن الدولي ودلالاتها الهامة

2017-02-19 17:51
أحداث مطار عدن الدولي ودلالاتها الهامة
شبوه برس - خاص - عدن

 

 

لم تشكل أحداث مطار عدن الدولي مفاجئة لأحد، بل كانت متوقعة ، فمنذ أن وطئت أقدام الحكومة برئيسها ، ومن جاء معه من الوزراء ، ومعهم الرئيس وحاشيته ، هؤلاء جميعهم الذين تربوا وترعرعوا في مدرسة الزعيم ، وانتفخت بطونهم من قوت الشعب وثرواته ، في الوقت الذي  يتضور أبناؤه جوعا وفاقة ويتسولون قوت يومهم ، في مناظر مهينة  ومؤلمة في بيوت الله ، وفي الطرقات والأسواق ، لا ينفك هؤلاء من خلق المتاعب لعدن وأهلها ، منذ تخلصها  من جحافل الغزاة ، هذه المدينة  الباسلة التي استضافتهم بعد أن أتوها هاربين مطرودين ، ووفرت لهم الحماية والأمان ،  حيث يعاني أهلها من تردي الخدمات وسوئها، انقطاعات متتالية للتيار الكهربائي لساعات ، تردي الخدمات الصحية ، ازمة مشتقات نفطية ، تأخر دفع مرتبات الموظفين  والمتقاعدين لشهور عدة ، ناهيك عما شهدته هذه المدينة   من أعمال إرهابية دنيئة ، راح ضحية لها كوكبة  من خيرة شبابها .

 

كان الكل يتفرجون على معاناة أهلها ويتلذذون بها ، فبدلاً عن العمل من أجل تخفيف معاناتهم، ورداً لحسن الضيافة ،  نراهم  يتآمرون على مقاومتها وعلى قوات التحالف ، التي تساندهم في حربهم ضد الإنقلابيين ، المواجهات التي شهدتها ساحة مطار عدن الدولي ، بين قوات التحالف من جهة ومعهم حلفاؤهم الجنوبيون ، وقوات الحماية الرئاسية من جهة أخرى ، هذه القوة التي تم اعدادها والاشراف عليها ، من قبل رموز عسكرية  معروفة بعدائها للجنوب  وقضيته  ، وهم من أبرز القيادات العسكرية التي قادت الحرب على الجنوب  في ٩٤ ، واليوم هي نفسها مَنْ يتصدر المشهد السياسي والعسكري باسم الشرعية ، وتحت شعار محاربة الانقلابيين ، هذه  الحادثة لم تكن  عارضة ، بقدر ماكان مخطط لها منذ فترة طويلة ، هدفها خلط الأوراق وإثارة صراع جنوبي جنوبي ، بهدف اغراق المدينة في بحار من الدماء والفوضى ، ليتسنى لهم التدخل  بإسم الشرعية ، لإعادة الوضع في المدينة إلى ماقبل ٢٠١٥ م ، لكن تدخل قوات التحالف ، ولاسيما القوات الإمارتية في الوقت المناسب ، قد حسم الموقف وافشل  المخطط الذي يستهدف الجنوب ومقاومته ، وقد كشفت  مواجهات المطار  النوايا المبيتة ضد عدن والجنوب ، وأكدت  دلالات وحقائق هامة جدا ، يمكن لنا استخلاصها على النحو التالي : هناك أطراف في الشرعية  ، ممَّنْ هم محيطون بالرئيس، تؤمن بأن معركتها الحقيقية مع الجنوب ومقاومته ، وليست مع الإنقلابيين واسقاط الإنقلاب وتحرير العاصمة  وعودة الشرعية إليها ، وهذا يفسر لنا تعثر المعارك في الجبهات وتأخر الحسم  العسكري حتى اليوم  . 

 

خطورة وجود السلاح بيد أكثر من جهة ، تحت أسم المقاومة ، لابد من تأطير كل هذه التشكيلات في إطار الأجهزة الأمنية والعسكرية  وتحت قيادة عسكرية وأمنية واحدة .

 

إنّ الخطر لم يَزٌلْ عن عدن والجنوب ،بزوال الألوية والمعسكرات التابعة للنظام السابق  ورئيسه ، فالخلايا النائمة ، التي زرعوها خلال فترة وجودهم والجماعات المتطرفة لاتقل خطورة عنها .

 

اثبتت أحداث المطار أهمية التحالف والتنسيق والتعاون مع قوات التحالف العربي ، ولاسيما مع القوات الإماراتية اثبتت الأحداث أيضا ، كم هناك حاجة ماسة وضرورية ، لوحدة قوى الثورة التحررية الجنوبية  وخلق الحامل السياسي الموحد ، للتصدي لتلك القوى  التي تنشط ضد الجنوب وقضيته العادلة وتتخذ من الدين  ستارًا لنشاطها .

 

لابديل للعمل السياسي  المؤسسي والمنظم والنشاط الإعلامي المكثف ،  لقوى الثورة التحررية الجنوبية ، لشرح قضية الجنوب للمجتمع الأقليمي والدولي،  والدور البطولي الذي يقوم به الجنوبيون في محاربة الإرهاب والمتمردين ، ولعدم ترك فراغ سياسي يمكن أن تستغله قوى سياسية أخرى لها أجندات ومشاريع تتعارض مع مصالح  الجنوبيين  وحقهم في تقرير المصير .

 

 

إن أحداث مطار عدن الدولي، تدل على حالة الاحتقان والتنافس في هذه المدينة، بين السلطة الشرعية التي أتت ضيفة على هذه المدينة بعد التحرير وبين الدولة، التي قدمت التضحيات والشهداء من أجل تحريرها ومعها المقاومة الجنوبية، وهي ليست مستعدة أن تسلمها  إلى أيادي، لا تثق فيها ويمكن أن تغدر بها وتطعنها من الخلف في أي وقت .

 

*- فرج طاحس