حين بُحّت أصواتنا ومن يسمع اليوم

2025-12-31 11:55

 

على مدى واحد وثلاثين عامًا بُحّت أصواتنا في الجنوب وارتفعت حناجرنا حتى التعب ونحن نصرخ ونحذر وننبه إلى ما يجري على أرضنا من جرائم وانتهاكات ومآسٍ متراكمة دون أن نجد آذانًا صاغية أو استجابة حقيقية.

 

صرخنا طويلًا من انتشار المخدرات التي دمرت حاضر شبابنا وهددت مستقبلهم وحذرنا من تهريب السلاح الذي أغرق الجنوب في دوامة العنف وتحدثنا عن تنامي الجماعات المتطرفة وعن الانهيار المستمر للعملة وارتفاع الأسعار وتدهور الأمن الغذائي حتى باتت المجاعة تهديدًا حقيقيًا يطرق أبواب كثير من الأسر الجنوبية. كما نادينا مرارًا بوقف نهب الثروات الجنوبية وتدمير مؤسسات الدولة لكن أحدًا لم يكن مستعدًا للاستماع.

 

واليوم وبعد كل هذا الصمت يخرج علينا رشاد العليمي مطالبًا المملكة العربية السعودية بالتدخل للحفاظ على أمن محافظتي حضرموت والمهرة في خطوة تثير كثيرًا من علامات الاستفهام خصوصًا أن هاتين المحافظتين لم يشكُ أهلهما من اختلالات أمنية تذكر بل ظلتا تنعمان بحالة من الاستقرار النسبي مقارنة بمناطق أخرى أنهكتها الفوضى والصراعات.

 

وفي مفارقة لا تخلو من غرابة يتزامن ذلك مع مطالبته لدولة الإمارات العربية المتحدة بالخروج من اليمن في خطاب متناقض يكشف بوضوح ازدواجية المعايير ويؤكد أن القضية لم تعد قضية أمن بقدر ما هي محاولة لإعادة ترتيب المشهد بما يخدم مصالح ضيقة.

 

والسؤال هنا هل الهدف حقًا هو أمن حضرموت والمهرة

أم أن الغاية الحقيقية تكمن في الحفاظ على مصادر الثروة والنفوذ التي يستأثر بها هو ومجموعة من المتنفذين من أبناء اليمن تحت عناوين وشعارات لم تعد تنطلي على أحد.

 

إن ما يجري اليوم لا يمكن فصله عن مساعٍ حثيثة لإدامة منظومة الفساد وإعادة إنتاج الأزمة واستخدام الجنوب كورقة ضغط عند الحاجة ثم تجاهل معاناة أبنائه حين يطالبون بحقوقهم المشروعة.

 

ومن هنا نوجه رسالة صريحة إلى القيادة في المملكة العربية السعودية وهي قيادة عرفت بحكمتها وبعد نظرها ولها باع طويل في حل الخلافات وقراءة المشهد السياسي بدقة.

 

إن الجنوب ليس ساحة لتصفية الحسابات ولا ورقة لحماية مصالح أفراد أو قوى متنفذة. والاستقرار الحقيقي لا يبنى بالخطابات المتناقضة بل بالإنصاف والاعتراف بالحقائق على الأرض.

 

لقد تعب الجنوبيون من الصراخ لكنهم لم يفقدوا وعيهم ولن يقبلوا بعد اليوم أن يتحدث باسمهم زورًا أو أن تستغل محافظاتهم الآمنة كذرائع لحماية ثروات ونفوذ لا علاقة لها بمصالح الشعب.

 

التاريخ لا يرحم والشعوب لا تُخدع.

 

عدن 31 ديسمبر 2025 م