كان من المترتبات الدولية لاحتلال الجنوب في حرب 1994م ، أن وضعت اليمن تحت البند السابع ، و أعطي لها أسم ( جمهورية اليمن ) و ليس ( الجمهورية اليمنية ) التي لا وجود دولي لها و لم تذكر في اي قرار او بيان دولي الى اليوم .
في عام 2000م تبنت الامم المتحدة مفاوضات بين دولتي اليمن اللتين يشكلان ( جمهورية اليمن ) ، حيث عقدت تلك المفاوضات في المقر الاروبي في جنيف برعاية دولية و الاتحاد الاوربي ممثلا بالمانيا ، و هي الفترة التي شهدت زيارات متعددة للرئيس صالح ووفوده الى المانيا .
بعدها ، تم استدعاء الرئيس صالح الى مقر المنظمة الدولية في نيويورك للتوقيع على ما تم الاتفاق عليه ، و هكذا فعل . ثم تم ترتيب توقيع عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس النواب و باجمال رئيس الوزراء في تونس التي غادرا اليها معا للتوقيع على ما سبق أن وقع عليه صالح . كان الاحمر قد رفض في البداية فكرة توقيعه على ذلك ، غير أن زيارة الامير بندر بن سلطان ( مندوب السعودية في الامم المتحدة) لصنعاء و تحذيره له من مغبة رفضه ، اقنعه بضرورة التوقيع .
ما يهمنا هنا مما تم الاتفاق و التوقيع عليه دوليا ، هو تعيين صالح رئيس للدولة ، و هادي نائبا له بقرار دولي غير معلن ، على أن يظل مصير دولة ( جمهورية اليمن ) مرتبط بحياة النائب هادي و سلامته.
و هكذا ، نجد أن هادي طوال فترة انابته ، لم يقسم اليمين الدستورية ، و لم يتعرض لاية محاولة اغتيال أو قتل طوال تلك الفترة ، في حين استخدم الرئيس صالح سياسة حرق البدائل في التخلص من منافسيه و معارضيه و امعن في ذلك بشكل بشع و مقزز ، في حين بقي هادي سليما معافى ناعما بالهدوء و السكينة .....
ثم كانت أحداث سنة 2011م في صنعاء ، و حادثة مسجد النهدين اللتين وجدها مجلس الامن فرصة للتخلص من الرئيس صالح ، أو بلغة مجلس الامن ( طي صفحة الرئيس صالح و البدء في عملية سياسية شاملة .....)
في اكتوبر سنة 2011م ، و بعد مشاركته في جنازة الامير سلطان بن عبدالعزيز ، تم استدعاء هادي الى مقر المنظمة الدولية في نيويورك ، حيث غادر هادي الرياض الى هناك ، حيث مكث في نيويورك اكثر من اسبوعين ....
لابد أن مجلس الامن قد أشعر الرئيس صالح بانتهاء مهمته و بدء مرحلة الرئيس هادي . حتى اذا جاءت المبادرة الخليجية لحل المشكلة اليمنية و ما قدمته من اغراءات للرئيس صالح للتنحي ، كان صالح على يقين أنها جاءت في الوقت المناسب ، و ما كان له أن يضيعها كما أضاع مستقبله السياسي .
هكذا وقع صالح على تلك المبادرة مرغما لا بطل ....
في اوغسطس سنة 2014م تم أغلاق مكتب البيض في بيروت الغربية التي غادرها الى برلين ، و في الاسبوع الاول لوصوله هناك ، زاره وفد الخبراء الدوليين الخاص بالقضية الجنوبية .
كان وجود البيض في بيروت الغربية ورقة ضغط خطيرة على عدة أطراف ، و منها مجلس الامن الدولي ، تهدف الى أقرار (فك الارتباط) بين دولتي اليمن ، أي أعادة الوضع الدولي للدولتين ، و هو القضية التي كان الرئيس البيض يطالب بحلها منذ وقت مبكر بعد أحتلال الجنوب .
هكذا يمكن فهم المغادرة النهائية للرئيس البيض لبيروت الغربية ، و ارتباط ذلك بفك الارتباط بين دولتي اليمن ، و هو الامر الذي ابلغه وفد الخبراء الدوليين للرئيس البيض في اللقاء المذكور .
الى هنا ينتهي الكلام المباح .
*- بقلم : سالم فرج مفلح – باحث ومؤرخ – المكلا