أحمد فريد الصريمة العولقي ... فارس آخر يَتّرّجّل

2017-06-05 08:23
أحمد فريد الصريمة العولقي ... فارس آخر يَتّرّجّل
شبوه برس - خاص - الصعيد شبوه

 

▪أحمد فريد الصريمة العولقي ، هو إبن مدينتي ، مدينة الصعيد ، عاصمة العوالق .

وهو ابن خالتي نور ، النور الفريدية .

وإبن أحد ابرز " حكماء " العوالق و" شٌعٌارها " المبدعين ، الشيخ فريد بن محمد الصريمة .

وهو رجل الاعمال الناجح ، والسياسي المثير للجدل .

طلب مني الاخ العزيز الدكتور علوي عمر بن فريد ، الذي يعكف على تسجيل كتابة تاريخية عن هذه الشخصية العولقية الجنوبية ، طلب مني كتابة صفحة عن أخي أحمد الصريمة ، بحكم قرابتي له ومعرفتي به عن قرب .

▪وقد أحترت ...

ماذا أكتب عن هذه الشخصية المتمردة ، المغامرة ، الشجاعة ،

البدوية إلى أقصى حدود البداوة ، والحضارية ألى أقصى حدود الحضارة والمدنية .

فتجد أحمد الصريمة في أقصى إنسجامه وتوافقه مع بدو الجبال في العوالق وبدو الصحاري في حضرموت وعمان ، وبريطانياً ارستقراطياً في ردهات فندق هيلتون في لندن والسيجار الكوبي لا يفارق شفتيه ، وفرنسياً على شواطئ كان الفرنسية ، حيث يملك فندقاً فخماً هناك .

▪احمد فريد الصريمة ، خريج جامعة لندن ، يغامر في الجبال والصحاري ، في محاولات ومغامرات عسكرية ، لإستعادة وطن ضاع يوم الإستقلال عام 1967. وعندما تخيب الأمال ، وتحول دون تحقيقها تعقيدات السياسة وصفقاتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ، يتجه الى التجارة والمقاولات ، ويبني إمبراطورية مالية عقارية بين سلطنة عمان وبريطانيا وفرنسا . وتٌتوٌج هذه الامبراطورية بوسام تكريم وإمتياز من الدرجة الأولى ، من قبل السلطان قابوس بن سعيد ، سلطان عمان ، في عام 2013 ، تكريماً ل" دوره الإيجابي خلال مسيرة حياته وعمله " .

▪ أقام احمد بن فريد الصريمة شبكة علاقات متشعبة : عمانية ، سعودية ، بريطانية ، إماراتية. ( أذكر ، ونحن في وسط حرب صيف94 الظالمة على الجنوب ، وكنت ، حينها ، ضمن وفد الجنوب الذي كان يجوب العالم العربي ، والذي كان يضم السيد حيدر العطاس والمرحوم الاستاذ عبدالله الأصنج وآخرين ، اذكر انه ما ان خرجنا من ديوان خالد الذكر الشيخ الجليل العظيم ، زايد بن سلطان آل نهيان في أبوظبي ، إلإ والشيخ حمدان

بن زايد ، وزير الخارجية الاماراتية حينها ، يسرع الي ، قبل ركوب سيارة الضيافة التي تقلنا الى مقر إقامتنا ، ويسألني ماذا يقرب لك احمد بن فريد العولقي ؟ وقلت له انه أحد أبناء عمومتي وإبن خالتي .

فقال لي الشيخ حمدان اترك سيارة المراسم وأركب معي في سيارتي وسأنقلك الى مقر إقامتكم . وقد كان . وخلال سيرنا كان الشيخ حمدان يسألني عن سير المعارك حينها

في شبوة وعن احمد بن فريد ..

ثم رِن التليفون في السيارة

وأخذ الشيخ حمدان يتحدث مع شخص على الطرف الإخر ، وقال له ان معي في السيارة الان احد أقارب أحمد بن فريد . و أحال الي الشيخ حمدان التليفون ، وقال لي ان الشيخ محمد بن زايد على الطرف الإخر من الخط . وبالفعل ، اذا بالشيخ محمد يسألني عن الأخ احمد بن فريد ووضعه في جبهة شبوة .. وعن ألأوضاع العسكرية في جبهات القتال حينها . )

▪احمد فريد الصريمة كان رجلاً متمرداً " غير ملتزم " ، لا لأسرته ، ولا لقبيلته ، ولا لأي حزب . كان أحمد سيد نفسه ومزاجه . فمن محارب ، على سبيل المثال ، لعلي عبدالله صالح وقواته في شبوة في صيف 1994 ، الى جليس و "مخزن" مع علي عبدالله في دار الرئاسة في صنعاء في أوائل عام 1995 . وقس على ذلك .

▪وبالرغم من كل هذه العلاقة والقرابة ، قد يندهش الكثيرون

عندما أقول ان لقاءاتي بالأخ احمد كانت محدودة جداً . والسبب الرئيسي في ذلك هو حالة " الشتات والغربة " التي عشناها وتجرعناها في الخمسين سنة الماضية ، أي منذ يوم الاستقلال عام 1967م.

▪فلم التق بالأخ أحمد في المرحلة الإبتدائية في الصعيد

لأنه قد غادر في تلك الفترة الى عدن للمرحلة المتوسطة . ثم فرقتنا التطورات السياسية التي عصفت ببلادنا . فذهبت أنا الى مصر " العروبة " لمواصلة الدراسة هناك ، وأتخرج من جامعة القاهرة ، كلية الأقتصاد والعلوم السياسية ، بينما ذهب الأخ احمد الى بريطانيا ، ليتخرج من جامعة لندن ، كلية الحقوق .

▪أذكر إن أول لقاء " سياسي " لي مع الأخ احمد كان في إحدى الشقق في حي الزمالك في القاهرة ، قبيل الاستقلال عام 1967 . كنّا حينها نسعى جميعاً لولادة سليمة وصحيحة للإستقلال ، تشارك فيها كل القوى الوطنية الجنوبية ، ولكن بريطانيا أرادت غير ذلك ( وكانت مأساتنا التي لا نزال نتجرعها حتى اليوم ) .

▪اللقاء السياسي الثاني الرئيسي لي مع الأخ أحمد ، وياللغرابة ، كان في منطقة " السوط " في شبوة في عز المعارك الحربية خلال حرب صيف 94 ، التي شنها نظام علي عبدالله صالح وحلفائه على الجنوب في تلك المرحلة الكئيبة . وقد وصلت الى منطقة " السوط " ، بعد رحلة عذاب ، من المكلا الى السوط ، أجر معي أحد المدافع الكبيرة ، دعماً لجبهة شبوة . وعندما وصلت الى المعسكر ، أو مخيم " السوط " وجدت الأخ احمد فريد الصريمة ، الذي عٌين حينها محافظاً لشبوة ، وجدته متضايقاً لقلة العتاد الحربي ، مقارنةً بجحافل صالح وحلفائه . ووجدته ، كالعادة ، والسيجار لايفارق يده . ووجدت في ذلك المخيم مقاتلين أعزاء أشداء ، أذكر منهم اخي المرحوم احمد محمد ابوبكر بن فريد ، والشيخ عوض حسين بن عشيم وبعض اخوانه ، والأخ المرحوم محسن احمد بن صاح بن فريد ، والأخ مبارك بن محمد الطوسلي ، والابن عبدربه علي عبدربه بن فريد ، والإبن محمد ناصر بن مجلبع بن فريد ، والأخ المقاتل علي عوض الشيبة الكازمي ، والعقيد علي حنش هادي .وكنت عاقد العزم على البقاء مع هؤلاء الأخوة المقاتلين في الجبهة . الا انه بعد عدة ساعات على وصولي الى جبهة السوط اذا بي أتلقى مكالمة تليفونية ( عبر تليفون الثرياء) من الأخ العزيز الاستاذ عبدالرحمن علي الجفري ، رئيس حزب الرابطة، ونائب الرئيس البيض حينها ، يطلب مني العودة الى عدن ، لقسم اليمين في الحكومة التي تم إعلانها ، حينذاك ، في عدن ( وذلك كنائب لرئيس الوزراء ووزيراً للتخطيط والتنمية )

▪وأخيراً ..

كانت للأخ أحمد فريد الصريمة أيادٍ بيضاء كثيرة في أعمال الخير ، في أكثر من بلد ، وعلى اكثر من صعيد . ولن أسترسل في هذا الجانب . فما عمله في هذا الباب عمله لوجه الله ، وليس للدعاية والإعلان .

وسواء اتفقت ام اختلفت مع احمد بن فريد الصريمة العولقي ، فقد كان رقماً بارزاً في احداث محافظة شبوة والجنوب العربي في الخمسين سنة الماضية من تاريخ بلادنا . كان رجلاً مغامراً، جريئاً، شجاعاً ، كريماً .

كان يعشق مدينته الصغيرة ، الصعيد ، وعاصمته الكبيرة ، عدن . وكان متيماً بوطنه الجنوب العربي .

ولا شك انه قد وافاه الأجل في لندن ، وهو يشعر بالحسرة ، لعدم حضوره الولادة الجديدة لدولة الجنوب العربي القادمة .

...الله يرحمك يا أخي العزيز احمد بن فريد الصريمة العولقي ويسكنك فسيح جناته . ولاحول ولاقوة الا بالله .

وإنا لفراقك لمحزونون .

 

*- محسن محمد أبوبكر بن فريد