ثبت للمؤرخين وكل الأثاريين أن مدينة عدن ربما هي الأقدم في العالم، فعمرها يزيد عن 5000 الف سنة. هذا التاريخ التليد لمدينة عدن يجعلها محط أنظار العلماء لدراسة الكثير من معالمها وأثارها. ويقال ان متحف عدن وقبل النهب والسلب كان يضم- لــُقى- تاريخية اثيرة ونادرة، منها جمجمة إنسان، وجدت في كتلة حمم ويعود تاريخها إلى عصور سحيقة ، اي عندما تفجر بركان عدن ونفث بحممه حتى انها بلغت مزارع الحوطة في لحج.
كما ان متحف عدن كان زاخرا بأثار نادرة، ومنها الكنز-الأكسومي- لحضارة أكسوم، والذي وجده مزارع في لحج و سلم كاملا إلى متحف عدن، وكان يشكل ذلك الإكتشاف، كنزا كبيرا من العملات الذهبية النادرة، وهذا الكنز نُهب مثل غيرة من الأثار واللقى.
اليوم قرأت للمحافظ عبد العزيز عبد الحميد المفلحي حياّه الله، قرأت له أنه وجّه بالحفاظ على اثر تاريخي حميم لمدينة عدن وهو -المِملاح- الذي طالته يد السماسرة وتجار الأرض والقراصنة، فقضموا مساحات هائلة من بحيرات تجفيف المياه لأنتاج الملح . ولقد زرت عدن فدهشت عندما مررت بنمطقة - ريمي- فرايت ان مساحة المملاح ومنها بحيرة البجع - الاستراحة لتلك الطيور المهاجرة - قد اصبحت مساحات مقضومة وأدركت انه سوف يأتي عليها التقطيع والبيع عاجلاً أو آجلاً.
وفي عدن - الصهاريج- العملاقة التي تشكل ارث بنائي تاريخي يستحق الدراسة والتوقف عنده، فتصاميم السدود العظيمة وحجارتها وتشابكها ومدرجاتها تعتبر اعجوبة هندسة فنية نادرة، وكما يقولون ان بناة حضارة- الأنكا - في جنوب أمريكا اجادوا فن التشييد، فليس بوسع اي شخص ان يحشر قطعة نقد معدنية بين الصخور، لدقه نحتها وفن تشييدها وترابطها، ألاّ أن احجار الصهاريج التي شيدت قبل ألاف السنيين تعتبر الاكثر إدهاشا في ترابطها ، فهي أعجوبة هندسية وتعتبر ربما الاكثر دقة في فنون البناء في العالم ، حيث أن البناء من الترابط والاحكام ما يمنع تسرب المياه ، فقد كانت الصهاريج هي الخزان المائي الذي يروي عطش مدينة عــدن وضواحيها وعبر قرون طوال.
عدن ومملاحها وأسوارها الحجرية العصية الرائعة ذات المداميك الواسعة، وقلاعها وفناراتها ومساجدها وقصورها وجبالها ومآذنها، تعتبر إرثاً إنسانياً عظيماً، يرفد الإنسانية بمدد ثقافي أثير ومدهش وأعجوبي.
لقد تغيرت عدن كثيراً فاثارها تدمر ومحمياتها تردم وجبل - شمسان- يـُقضم ويتحول الى مساكن، كما ان هناك مساحات أعلى الجبل قد بدات تتحول الى مساحات للبيع . إن جبل شمسان هو رمز عدن والحارس الأشم وسفر تاريخ عــدن، تلك المدينة الساحرة والأيقونة الفريدة البهاء.
شكرا للمفلحي فهو الذي وأن تحدث عن عدن، تهدج صوته وإنهمرت دموعه، وهكذا شيم المحبين.
*- فاروق المفلحي. برانتفورد كندا