حصن باغزوان
كان وصول قوّات النخبة الحضرميّة إلى مزرعة الشيخ مطهّر باغزوان العمودي في وادي المسيني بمثابة الضربة القاصمة لتنظيم القاعدة ، فالمزرعة ومالكها لايمثّلان أهمية استراتيجية كبرى للعناصر الإرهابية فحسب ، بل يمثلان كذلك مددا وبعدا معنويا لا يعلمه إلا من عرف الشيخ باغزوان وحكاية مزرعته الإسطورية فمن هو الشيخ باغزوان وماحكاية مزرعته القابعة بين الصخور ؟
التحق الشيخ مطهر باغزوان العمودي بتنظيم القاعدة عام 1985م ثم سافر إلى افغانستان لمقاتلة السوفيت ضمن أفواج ماعرف حينها بإسم المجاهدين ضد الشيوعيّة ، ولم تعلم سلطات الجنوب الأمنية حينها بحادثة سفره للجهاد إلا بعد اعلان الوحدة اليمنية 1990م .
أتاح انتماء الشيخ مطهّر لفئة المشايخ ( آل العمودي ) فرصة لتشبيك علاقات جيّدة بقائل المحمديين الذين يسكنون وادي المسيني والأودية والشعاب المجاورة ، كون آل العمودي يصنّفون حسب الأعراف الاجتماعية في حضرموت بأنّهم المرجعيّة الدينيّة لقبائل المحمديين ويمتلكون سلطة روحية على القبائل الساكنة في وادي المسيني .
استغل الشيخ باغزوان هذا الأمر حيث كان يتنقّل بأريحية في الوادي بحجّة العمل في تجارة العسل والنوب . كما استغل هذا الأمر كذلك لتمرير عمليّة إدخال مقاتلين أجانب إلى الوادي ، وفي معظم الأوقات كان يمرر هؤلاء دون علم مشائخ القبائل .
المزرعة العجيبة :
في بيئة صخريّة قاحلة وبين صخور جرداء أنشاء الشيخ مطهّر باغزوان العمودي مزرعته العجيبة ، ويرجّح سكان أطراف وادي المسيني إن تأسيس المزرعة ربما كان في الفترة مابين 1985 _ 1990م .
ولم يعلم سكان أطراف الوادي بأمر المزرعة ( الإفتراضيّة ) إلّا بعد أن بدأ الشيخ الإسطوري بالعمل على شق وتمهيد طريق تمكّن السيارات ذات الدفع الرباعي من الوصول إلى عمق الوادي . وقد استغرق العمل في الطريق فترة طويلة .
أثار مشروع شق الطريق موجة تساؤلات وشكوك حول مبتغى الشيخ ، خاصة وأنّه يعاني من ضيق ذات اليد ولا يملك إلا أعداد محدودة من خلايا النحل ولا يوجد لديه مصدر دخل آخر .
عقب حرب 1994م تحرّك الشيخ مطهّر باغزوان باريحيّة وبات يتنقل مابين وادي المسيني واطراف شبوة ومحافظة مارب والجوف والبيضاء وتمكّن من تأسيس معسكر وادي المسيني الذي أصبح المعقل الحصين للقاعدة ليس في حضرموت فحسب بل على مستوى محافظات حضرموت وشبوة ومارب والجوف ومناطق أخرى .
وقد استخدم معسكر المسيني لتدريب العناصر الإرهابية الاجنبية ، فكان يتم إعدادها في المعسكر ثم يتم إعادة تصديرها إلى خارج اليمن حسب المهام الموكلة لهم من القيادة العالمية للتنظيم .
عرف عن الشيخ مطهّر علاقته المتينة بحزب التجمّع اليمني الإصلاح فقد ارتبط بعلاقات تجارية برموز الحزب في مارب ( تجارة العسل ) .
كثّف الشيخ مطهّر في الفترة الأخيرة تحرّكاته في مديريتي دوعن ويبعث ، ويبدو إنّه كان على صلة بالعناصر الإرهابية التي نشطت بقوّة مؤخرا في هذه المناطق . ورغم كبر سن الشيخ وظهور علامات تقدّم العمر عليه لحد إنحناء الظهر ، إلّا انّه كان يتمتّع بصحّة ممتازة سمحت له مؤخرا بالزواج من فتاة لم تصل سن العشرين بعد . أتاح تقدّم العمروالأقدمية في التنظيم وميزة المؤسس ، وكذا الكاريزما الشخصية التي يتمتّع بها ، كل هذه المزايا اتاحت للشخ الاسطوري قدرة فائقة للسيطرة على عناصر القاعدة ونسج علاقات تتيح له الحصول على تسهيلات من المجتمع المحلّي البدوي خدمة لأهداف تنظيم القاعدة .
إلى هذه اللحظة لم تتسرب بعد معلومات عن مصير الشيخ باغزوان العمودي ، ولكن الذي بات مؤكدا إن جكايته الإسطورية قد انتهت بدك معقله الحصين والوصول إلى مزرعته الإفتراضية التي لا تعدو أن تكون انابيب ري متهالكة وعددا من الشجيرات التي انهكها الضمأ ، ربما وفّرت ظلّا من قيض الصيف الحارق ولكنها عجزت عن توفير ملاذا آمنا دائما لشيخ اظل الطريق وخالف نهج العموديين والحضارم عموما ...
لم يصمد عناصر الشيخ طويلا أمام ضربات رجال النخبة الحضرميّة المسنودين بدعم بالرجال والعتاد من الإمارات الشقيقة حيث قتل العشرات منهم وفر من تبقى منهم فرادى لتنتهي وإلى الأبد أسطورة وادي المسيني وشيخه الضال .
*- شبوه برس – جولدن نيوز