هؤلاء مخالب الإرهاب الناعمة:

2018-02-26 14:30

 

الأخطاء التي تُــرتكب باسم مكافحة الارهاب في عدن -وغير عدن- لا تلغي حقيقة أن هناك إرهابا يتم تمويله والتحكم به لأغراض سياسية ومكاسب شخصية وغيرها من المصالح  والمكاسب الأخرى.

 فهذه الأخطاء لا شك أنها مُدانة ومرفوضة بكل المقاييس ,بصرف النظر عن أنها أخطاءٌ تحدث حتى في الأوضاع الطبيعية للدولة فما بالنا في الأوضاع الاستثنائية التي تغيب فيها مؤسسات الدولة كما هو حاصل لدينا اليوم وفي ظل استهداف سياسي متعمد من كل الجهات يطال الجنوب ,وفي ظروف تفتقر لأبسط امكانيات الحصول على المعلومات الدقيقة التي ترصد أماكن وسلوك الجماعات المتطرفة, وافتقار الحصول على المعلومات التي تجنب الاجهزة الامنية  الوقوع في الأخطاء وبالذات الأخطاء التي تنتج عن معلومات مدسوسة أو استدراجية او كيدية وغيرها... نقول ان هذه الأخطاء برغم ما لها من مبررات منطقية لا يمكن قبولها على طول الخط وبكل الحالات, ولكن بالمقابل لا يمكن قبول اتخاذها ككلمة حق لمن يراد به باطل...

فتسليط الأضواء على هذه الأخطاء وإغفال الأعمال الإجرامية لهذه العناصر الإرهابية, والتحريض المباشر والغير مباشر على الأجهزة الأمنية والتشنيع بها لدواعٍ سياسية أو لمصالح شخصية  فوق ما نراه من تبريرات فجة  لهذه الاعمال الإرهابية تحت مظلة الأخطاء الأمنية, فهنا يكون الأمر قد جاوز حدود النقد  المنطقي المشروع الى المشاركة المباشرة بالأعمال الإرهابية ,ويكون معه الصمت  حيال هؤلاء مشاركة فعلية ولو غير مباشرة بهذه الجرائم, لا نظن انسان حُــر سوي يقبل ذلك على نفسه هذا الصمت القاتل.

     

فالإرهاب هو بضاعة قاتلة ينتجها مصنع متكامل من الآلات والمكائن, فثمة ماكنة تحرض وأخرى تمول, وثالثة تخطط ورابعة تمــوّه, وخامسة تفجــر وسادسة تبرر وسابعة تلقي باللوم على الضحايا لتنفيه عن الجاني الارهابي أو بالأصح عن الجناة الإرهابيين المشاركين بالعملية من أول خطوة حتى لحظة التنفيذ.

   

فأي منطق هذا الذي يقبل أن يكون فيه الجندي مُــدان حين يرتكب خطأ  وحين يتعرض للخطاء, أو بمعنى أوضح حين يكون ظالما ومظلوما؟  ((مع تأكيدنا للمرة الألف أننا نرفض أي انتهاكات تطال الأبرياء نقول هذا حتى لا نسمع نفس اسطوانة تبرير الإجرام تتكرر)),وأي عقل هذا الذي يمكن له أن يستوعب السخافة التي تساوي بين تجاوزات أمنية وبين الخطورة التي يشكلها  الارهاب ويشكلها ترك الحبل على الغارب للانفلات والتسيب والتبرير والتمويل والتحريض؟.  

وأية وقاحة هذه التي تسعى الى التعاطي مع ظاهرة خطيرة كظاهرة الارهاب بمعيار مزدوج: ((إن استهدفني التفجير وطالني القتل فهو إرهاب "عيار 24قيراط "وإن طال خصومي ومزقهم أشلاء متناثرة فهو جزاءً يستحقونه ووجهة نظر؟)).!

   

أشخاص متكسبون وقوى حزبية بائسة لم تخالجها ذرة  حياء ولا قطرة من ماء وجه حين تكشفت نوياها الشريرة بعد أن ظلت تضلل البسطاء من الناس بخطابات تخفي أنيابها الناشبة داخل مسوح الإنسانية الزائفة بزعمها أن هذه القوة الأمنية أو تلك لا تحارب الإرهاب وأن كل ما تقوم به هو تعمدها بانتهاك حقوق الناس واقتحام منازلهم. وحين ضرب الارهاب هذه القوة الأمنية وقتل من قتل من ضباطها وجنودها -ناهيك عن مواطنين أبرياء- لم يبلع هؤلاء المتكسبون ألسنتهم خجلاً بل أخرجوها تتدلى بكل قبح وصفاقة واستمروا على سجيتهم الشيطانية بالكذب والتضليل وبصرف الأنظار عن الجناة, يمارسون ذلك حتى في نفس الدقائق التي كانت فيها الدماء تراق وأصوات الضحايا يرتفع أنينها.

  

بمقدور أي شخص أو أي قوى سياسية وحزبية وفكرية أن تسعى لتحقيق ما تروم له من أهداف وإن كانت أهداف سخيفة ولكن بعيدا عن استخدام ورقة خطيرة ومدمرة كورقة  أمن الناس وسَـكْينتهم,وبعيداً عن استخدام أرواح الناس كأدوات ابتزاز وتركيع سياسية وشخصية بوجه الآخر, فضياع الأمن وسيادة صوت البندقية وعلو منطق المفخخة وطغيان سياسية الاحزمة الناسفة وسطوة العقول المتفجرة وفلسفة الجيوب المفتوحة, يعني بالضرورة دخول البلاد في وضع دوامة العنف والضياع, والكل سيكون في الهلاك بمن فيهم صناع ذلك الوضع أنفسهم. والأمثلة  على ذلك لا تحصى ولا تعد بالمنطقة العربية, وكيف أن شعوبا انزلقت الى مهاوي الردى السحيقة بعد أن عبثت بها أيادي خبيثة وقوى وشخصيات أنانية قبيحة, وهذا أقل نعت تستحقه.