60 يوما توشك أن تنقضي.. ماذا تبقى من اتفاق الرياض؟

2019-12-31 07:01
60 يوما توشك أن تنقضي.. ماذا تبقى من اتفاق الرياض؟
شبوه برس - خـاص - الأيام

 

*- حافظ الشجيفي

ستون يوما كاملة أوشكت أن تنقضي منذ أن جرى التوقيع على اتفاق الرياض في قصر اليمامة بالعاصمة السعودية بين حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد ربه منصور هادي، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، دون أن يرى النور حتى الآن متجاوزاً بذلك الجدول الزمني الذي كان يفترض أن ينفذ فيه خطوة بخطوة وبندا بندا..

 

وتضمن الاتفاق عدة بنود أساسية نصت على تفعيل دور كافة سلطات، ومؤسسات الدولة، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، بالإضافة إلى تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية والالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب شمالا وجنوبا، ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي. والفرقة والانقسام وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف، وتوحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة الأمن والاستقرار، ومواجهة التنظيمات الإرهابية، وتشكيل لجنة تحت إشراف تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية تختص بمتابعة، وتنفيذ وتحقيق بنود هذا الاتفاق وملحقاته، ومشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، وإصدار الرئيس عبدربه منصور هادي فور توقيع هذا الاتفاق توجيهاته لكافة أجهزة الدولة لتنفيذ الاتفاق وأحكامه. ووضعت ثلاث ملحقات لتنفيذ هذه البنود الرئيسية وهي الملحق الأول: الترتيبات السياسية والاقتصادية، والملحق الثاني: الترتيبات العسكرية، والملحق الثالث: الترتيبات الأمنية.

 

وبقراءة الأسباب التي أدت إلى تعثر تنفيذ بنود هذا الاتفاق نجد أن من بينها مرور نحو ستون يوماً على البند الذي قضى بتشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيراً مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وتعيين محافظ لمحافظتي أبين والضالع خلال 30 يوما من تاريخ التوقيع على الاتفاق، إضافة إلى تعيين الرئيس محافظاً ومديراً لأمن محافظة عدن خلال 15 يوما، وهي البنود التي لم ترَ النور حتى الآن.

 

أما فيما يخص الجانب العسكري من الاتفاق، فنجد تعثر تنفيذ بند عودة جميع القوات التي تحرَّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية شهر أغسطس 2019 إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها وإحلال قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوماً من تاريخ التوقيع عليه.

 

وكان الشعب قد تفاءل خيراً بتوقيع هذا الاتفاق بين حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي في الخامس من نوفمبر الماضي بعد شهرين كاملين من المفاوضات لوضع حد للاضطرابات الدامية التي شهدتها عدن وعدد من المحافظات الجنوبية خلال شهر أغسطس الماضي، ونتج عنها سقوط عشرات الضحايا وسيطرة تامة للانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن وعدد من المحافظات المجاورة لها.

 

غير أن واقع الحال بعد مرور كل هذا الوقت على توقيعه دون أن يرى النور حتى الآن أثار مخاوف الناس مجدداً، وأحال آمالهم إلى حالة من التوجس والتشاؤم، مما قد ينتج عن مزيد من التأخير في تنفيذ الاتفاق، كما لم يعد خافياً التذمر الذي أبداه كثير من المتفائلين بتنفيذه على أمل أن يؤسس لتسوية سياسية شاملة لمجمل الصراعات التي تشهدها البلاد منذ وقت طويل..

 

هذه العراقيل عبرت عنها تصريحات متواترة من الجانبين تبادلا فيها التهم بعرقلة الاتفاق، وهو ما يعد مخالفة صريحة لأحد بنود الاتفاق الذي يستند الى عددٍ من المبادئ؛ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي ووقف الحملات الإعلامية المسيئة لكل من الطرفين.

 

فقد اتهم وزير الخارجية محمد الحضرمي، الإثنين الماضي، المجلس الانتقالي الجنوبي بعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض في لقاء جمعه بسفراء مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن المعتمدين وفق وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

 

وأشار الحضرمي إلى أن المجلس الانتقالي يضع عراقيل في طريق تنفيذ الاتفاق، وعمل الفريق الميداني وبعض الخروقات والاستحداثات التي تعيق إحراز أي تقدم في الترتيبات الأمنية والعسكرية المشار إليها في الاتفاق وملاحقه.

 

ويرى مراقبون أن تصريحات الحضرمي جاءت رداً على حديث رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي الذي أشار في خطاب له إلى أنه لا رجعة عن هدف انفصال جنوب اليمن عن شماله، وهو ما يتنافى والمرجعيات الرئيسية لاتفاق الرياض التي قام عليها ومنها المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة التي تنص جميعها على وحدة اليمن.

 

وجاءت تصريحات الزبيدي، خلال اجتماع موسع عقده في عدن ضم عدداً من القيادات والمسئولين في المجلس.

 

وحسب الموقع الإلكتروني للمجلس، فقد أكد الزبيدي في الاجتماع أن الجنوب وقضيته أصبحا أمرا واقعاً ورسمياً لدى المجتمع الدولي والإقليمي.

 

وأضاف: "هدفنا استعادة دولتنا كاملة السيادة التي بُذِلَت من أجلها الكثير من التضحيات".

 

وأشار إلى أن اتفاق الرياض يعد مكسبا وانتصارا سياسيا لشعب الجنوب وقضيته بمباركة دول العالم للاتفاق واعترافهم بتمثيل المجلس الانتقالي للجنوب في المحافل الدولية.

 

وأكد الزبيدي أن استجابة المجلس الانتقالي إلى حوار الرياض جاءت بناء على دعوة رسمية من أعلى المستويات بالسعودية وكانت أحدى تجلياتها المستوى الرفيع الذي يليق بالجنوب ودولته، على حد قوله. مضيفا: "نحن نحمل قضية شعب وليس منصبا هنا أو وزارة هناك"، في إشارة إلى التمسك بمطلب انفصال الجنوب اليمني عن شماله اللذين أعيد توحيدهما في العام 1990 كواحدٍ من أبرز الخيارات التي يرفعها المجلس.

*- شبوه برس – الأيام