العصبية القبلية دعوى جاهلية تدمر الأوطان

2020-04-17 13:07

 

العصبية القبلية دعوى جاهلية ، إذا فشت في أي بلد فإنها تسبب دماره ، وإذا ارادوا أعداء أي بلد أن يدمروا هذا البلد ، فإنهم يجعلوا من إثارة العصبيات القبلية طريقاً للوصول إلى تفتيت هذا البلد وتدميره .

 

إن العصبية القبلية إذا فشت في أي بلد فإنها تدمره ، فأساس الشرارة في أغلب الحروب هي العصبية القبلية ، كما هو الحال في أفغانستان واليمن والسودان والعراق وليبيا ، وبعضا من دول أفريقيا .

 

فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذه العصبية القبلية حيث قال : "دعها فانها منتنة" أي أنه يقول لا للتعصب للشكل أو اللون أو القبيلة وقال : "لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود ولا أحد على أحد إلا بالتقوى". فالهدف من وجود القبائل ليس للتعصب لقوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). عندما بعث الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، بهذا الدين لأجل أن يوحد العرب والمسلمين كافة ، كانوا العرب قبل الإسلام يشتركون في عدة أمور ، منها اللغة والعادات والتقاليد واللون والجنس واللباس ، ولكنهم لم يتوحدوا ، لانه لم يكن لهم دين يوحدهم ، ويلغي العصبيات القبلية ، مع اشتراكهم في كثير من الأمور ، إلا انهم لم يستطيعوا أن يكونوا يداً واحدة ، فكانت الحروب بينهم دائمة ، بسبب انه لم يكن هناك اعتقاد في دواخلهم ، يساوي الفقير بالغني ، والعربي بالأعجمي ، والأبيض بالأسود ، والقوي بالضعيف ، فجاء نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام بالإسلام ، الذي يقول لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ، والناس سواسية كأسنان المشط".

 

لقد حث الإسلام على الاجتماع على الكتاب والسنة يقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا). وحذر من التفرق والتنازع فقال (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) . والانتساب إلى القبيلة ليس موضع إشكال ، بل مطلوب المحافظة عليه وحفظ الأنساب ، والاعتزاز بما في القبيلة من صفات حميدة ، بما يتضمن رفع الهمم والتعاون على البر والتقوى .

إنما الاسلام يحارب العصبية القبلية ، التي تدعوا إلى التفرقة والتخريب ، وأضعاف البلاد وتدميرها . ويمكن تلخيص حكم الإسلام في العصبية القبلية كدعوى جاهلية في الأمور الآتية : 1- إلغاء العصبية الجاهلية ، والتحذير منها ؛ ويتجلى ذلك في كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية"، وقال "ومن قاتل تحت راية عمية؛ يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل؛ فقتلة جاهلية". 2- تقرير المساواة بين الناس، وعدم الاعتراف بالامتيازات الطبقية، أو النفوذ الموروث؛ فأساس التفاضل : التقوى والعمل الصالح؛ قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم..) الآية (الحجرات: 13)، وعن أبي نضرة قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق ؛ فقال: "يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد. ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى"، وعن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الل صلى الله عليه وسلم: "أتشفع في حد من حدود الله؟"، ثم قام فاختطب، فقال: "أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". 3- إلغاء كل مظاهر العبودية لغير الله؛ من نحو تقديس الأعراف القبلية، والانسياق معها باطلاً دون تبصير ؛ إلا لمجرد الهوى واجتماع الناس عليها ، ومن ثمَّ إثبات العبودية لله وحده؛ قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات: 56). 4- النهي عن الطعن في الأنساب، وعن التفاخر؛ والتعاظم بالآباء، والأجداد، والمآثر، والأمجاد؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله أوحى عليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغى أحد على أحد". إن خطر العصبية القبلية على روح المواطنة في أي بلد ، ليس بالأمر الهين ، فكلا منا يدرك أن الكيان العام يتكون من نسيج متنوع ، من القبائل والعوائل  والأسر ، وفي بعض البلدان حتى من قوميات مختلفة ، فبدون القضاء على مثل تلك العصبيات ، فإن إنهيار تلك البلدان القائمة على مثل تلك العصبيات قادم لا محالة ، كما هو حاصل في أفغانستان واليمن والسودان وليبيا والعراق ، وغيرها من الدول الأفريقية .