لقد كنت من مستهجني الهجمة المتخلفة التي تم شنها على مذيعة قناة بلقيس "أمل علي" على خلفية نشر صورة لها بالبنطلون في مسجد آيا صوفيا، لما في ذلك من تعد على حريتها الشخصية، وكونه تدخلاً في الخصوصيات.
لكن أمل وهي ترد على ما جوبهت به، انتقلت إلى جبهة أخرى، فخاطبت منتقديها بأنهم عما يدور في البلد منشغلون، فهم لا يرون إلا بنطالها، ويعمون عما يفعله المجلس الانتقالي على الأرض الجنوبية من عدن إلى المهرة وسقطرى. لقد تسامت أمل على جرحها الشخصي لتريهم جرح الوطن! لكن تساميها كان هشاً، لأن الانتقالي لم يكن يتقدم في إب أو المحويت أو تعز أو عمران. ولو أنها وجهت نظر منتقديها إلى ما يمارسه الحوثي من تجريف لكل شيء، منذ أن (سلموه) الدولة قبل خمس سنوات بلا مقاومة تذكر لكانت منسجمة مع ما تبديه من مظهر حر يتجاوز تقليديات مجتمعها. أما وقد تماهى خطابها مع خطاب غزاة الجنوب عام 1994 فقد دل ذلك على انعدام ثقتها وثقة كثيرين من أمثالها بأن وطنهم الجميل بهم قبل 1990 أضيق من أن يحتوي أحلامهم، لذا فهم في وطن الآخرين من عدن إلى أقصى المهرة وسقطرى طامعون، ولأنهم طامعون فإن الوطن يبدو الآن في عيونهم أضيق من بنطلون في مسجد تركي!
هامش:
لم يكن الحراك الجنوبي السلمي ثم تجلّيه السياسي (المجلس الانتقالي) حزباً، ولكن حركة شعبية استقلالية، ( لا وحدة لا فيدرالية) وهي تثبت اليوم أنها لم تكن لتزاحم هذا الحزب أو ذاك، لأن قضيتها ليست قضية صراع على سلطة، وإنما قضية إرادة و دولة وشعب. ولأنها كذلك فلا شرعية مما يدعون، ولا أحزاب مما يجمعون، ولا قبائل مما يحشدون، ولا مليشيات مما يصنعون، بقادرة، منفردة أو مجتمعة، على أن تواجه إرادة شعب، لا يزاحم شعباً آخر على وطنه ودولته، وإنما يقاوم بما أوتي من قوة وحق، من أجل وجوده الحر في وطنه ودولته المستقلة. ولأنه كذلك فإنه الآن كعصا موسى مع السحرة، ولا قدرة لأي مستخدم جنوبي بأي درجة أو صفة أن يؤدي الدور التقليدي في خدمة دولة يوليو 94 أو من يدعي وراثتها.
سعيد سالم الجريري