بعد توقف دام عدة سنوات ولأسباب خارجة عن الارادة، عاود منتدى الخيصة الثقافي الاجتماعي بالمكلا، عصر الجمعة 12 فبراير 2021 نشاطه بندوة ثقافية متميزة، خصصت للذكرى (21) لرحيل الشاعر والأديب الكبير حسين ابوبكر المحضار.
بدأت الندوة بورقة قدمها الاستاذ الباحث حسن محمد بن طالب، تحت عنوان قراءات في شعر المحضار، استعرض من خلالها عدد من القصائد الشعرية، مفككا ومفسرا لها من عدة نواحي، لغوية وفنية وتصويرية وايضا فلسفية، واستطاع الباحث بن طالب من خلال ما استعرض من اعمال شعرية، أن يقربنا أكثر وأكثر من حسين المحضار، ويكشف لنا عن طبيعته المتجردة، شاعر صاحب رؤية فنية وفلسفية عميقة، يكتب الشعر بوجدان الانسان في مختلف حالاته وتجلياته، وبخيال الفيلسوف، وريشة فنان مرهف الحس، يمتاح ألفاظه من معجم لغوي موح ومتجدد، فيضيف إليها ذاته الشاعرة الحالمة المتطلعة نحو المثالية.
أما الورقة الثانية، فكانت بعنوان "الدلالات والمعاني الصوفية في الأغنية المحضارية"، قدمها الاستاذ عمر علي باسلمه، الذي قدم للحاضرين نماذج من القصائد الغنائية المحضارية، ذات الطابع الصوفي، مشفوعة بسيرة مختصرة عن اسباب اجادة الشاعر المحضار لهذا النوع من القصائد، وتفوقه عن كثير من الشعراء السابقين والحديثين ممن خاضوا هذه التجربة، اذ يمكن تكثيف رؤية النتاج المحضاري، سواء في أشعاره أو قصائده الغنائية، ذات الصلة بالصياغة الصوفية، فهي تجربة شعرية في البعد المتصل بحياته وواقعه، فهو من عائلة تتبع بعض الطرق الصوفية، وتمارس طقوسها ومتطلباتها بدءا من جده وليس انتهاء بأبيه، فهو لم يستطع التنصل منها، وقد نشأ في حضنها واعيا مفرداتها وأبعادها. غير أنه حمل رؤيته الخاصة به، ويتجلى ذلك من خلال قصائده الغنائية، التي تعبر عنها لغته البرزخية، ومافوق المادية المحسوسة عندما يسمو بالنفس الى مستوى الطهر والنقاء، لتكون في أبهى صورها ونقائها لانها تكون قريبة من الاله، ومن سيد الصفاء والنقاء والطهر، رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يرى فيه شاعرنا القريب نسبا الى جانب انه رسول الله للبشرية.
لم يشأ الشاعر والأديب والباحث سعيد محمد بن هاوي ابوسراجين، أن تفوته هذه الفعالية التي تمثل حدثين كبيرين، الأول انها احياء لذكرى رحيل الشاعر والاديب المحضار، والأخرى كونها عودة الحياة لصرح ثقافي حضرمي، منتدى الخيصة الثقافي، فأدلى بدلوه في هذه الندوة المحضارية، وقدم مختارات من الشعر المحضاري، كاشفا ومشيرا الى مكامن السحر والجمال والحكمة فيه، وأخذ البوسراجين الحضور في رحلة ممتعة في بساتين الشعر المحضاري، حتى ان الجميع تمنوا أن لايتوقف عن حديثه، ولولا قصر الوقت ومنغصات الكهرباء لكانت الندوة ستكلل بالنقاشات والحوارات من قبل الحاضرين، الذين أكدوا على الادارة المؤقتة للمنتدى بعدم التوقف عند هذه الندوة، وأن تعد البرامج والخطط لاستعادة المنتدى ألقه، وليعود منبرا ثقافيا مساهما في تأصيل وغرس الهوية والثقافة الحضرمية والعربية.
*- عبدالحكيم الجابري