"السعودية".. هل تكون "عدن" ثمناً لصفقة سياسية هشة؟..(تقرير)

2021-05-01 22:00
"السعودية".. هل تكون "عدن" ثمناً لصفقة سياسية هشة؟..(تقرير)
شبوه برس - خـاص - عـــدن

 

الحوثيون دخلوا إلى مصنع الاسمنت في محافظة صامطة"، ودحرناهم نحن لواء القوات الخاصة ومكافحة الإرهابي الجنوبي، في حين ان عشرات الالوية التابعة لعلي محسن الأحمر لم تستطيع مواجهة الحوثيين الذين كانوا يقتحمون الأراضي السعودية، نحن من دافع عن السعودية انطلاقا من داخل أراضيها"؛ هذا ما تحدث به ضابط رفيع في اللواء العسكري الجنوبي الذي ذهبت قوته الى السعودية للتدريب على أمل العودة الى عدن للقيام بمهام عسكرية، الا ان السعودية ارتأت ان يتمركز اللواء في أراضيها للدفاع عنها من التغول الحوثي. شكى الضابط في تسجيل صوتي متداول ما وصفها بالممارسات السعودية تجاه القوات الجنوبية، لافتا إلى انها (الرياض)، تعاقب الجنوبيين بشتى الطرق؛ ربما في ذلك إشارة الى المعاناة التي تضرب مدن الجنوب بما فيها تلك التي يحتلها الإخوان كشبوة ووادي حضرموت وأجزاء من أبين.  لا يستطيع أحد المقارنة بين الدعم السعودي للقوات اليمنية الشمالية وبين ما قدمته الرياض للقوات الجنوبية، على الرغم من فارق الإمكانيات العسكرية والعمليات التي تحققها كل القوات. لم تحقق القوات اليمنية الشمالية أي انجاز عسكري في شمال اليمن، بل على العكس تعرضت لانتكاسات كبيرة خسرت على أثرها أسلحة ضخمة قدمها التحالف لقتال الحوثيين الذين يحاصرون المعقل الأخير لهذه القوات. القوات الجنوبية وفي غياب الدعم الجوي حقق نجاحات كبيرة في جبهات القتال لعل أبرزها في محافظة الضالع، واستطاعت في فترة وجيزة ان توفق بين جبهتين "جبهة قتال الحوثيين وجبهة قتال قوات الإخوان القادمة من مأرب". لكن في الأونة الأخيرة أخذت الحرب اليمنية الدائرة منذ أواخر مارس (آذار) 2015م، منحنى أخر، بعد ان دخلت المملكة العربية السعودية التي تقود "عاصفة الحزم"، في مشاورات سلام مع إيران، التي كانت تصفها بالعدو اللدود، ليبدو واضحا ان الحرب ضد الحوثيين الذين يحاصرون مأرب، لم تعد بالمستوى المطلوب. ترغب السعودية من حرب سبع سنوات "الحصول على ضمانات بعد استهداف أراضيها الجنوبية، والتي ظلت محل نزاع منذ عقود، حيث يدعي اليمن إن "نجران وعسير وجيزان"، أراض يمنية، لكن الحوثيين الذين يقصفون هذه المناطق بالصواريخ والطائرة المسيرة، لم يعلنوا رغبتهم في استعادتها، بل انهم فضلوا الصمت حيال ذلك، لاعتبارات "ان هدفهم السيطرة على اليمن أولا وترسيخ سلطتهم، قبل فتح ملف ترسيم الحدود مع السعودية. وترسيم الحدود الذي ظل عالقا لعقود يشكل هاجساً للسعودية، التي ظلت تصرف امتيازات مالية لقبائل اليمن الشمالي "حاشد وبكيل"، لكن الحرب الحوثية التي دشنت بالسيطرة على عمران في الـ7 من يوليو (تموز) 2014م، أطاحت بالتحالفات القبلية وانحازت كبرى قبائل صنعاء الى صف الحوثيين "على اعتبار انهم جماعة زيدية". المتحالفون مع حكومة الرئيس اليمني الذي انتهت ولايته في فبراير (شباط) 2014م، يتهمون النائب علي محسن الأحمر – حليف الرياض الذي تم تهريبه من صنعاء فجر الـ 19من سبتمبر (أيلول) من العام ذاته-، بالتقاعس في قتال الحوثيين، لاعتبارات طائفية، على الرغم من انه يقدم نفسه كزعيم عسكري لإخوان اليمن. منذ مطلع العام الثاني للحرب 2016م، تصدر علي محسن الأحمر المشهد كنائب لهادي والحليف الأول للسعودية لمقارعة الحوثيين، لكن الأحمر استطاع الحفاظ على الحوثيين ولم يكن جادا في قتالهم. سقطت فرضة نهم والجوف وأجزاء من مأرب في العام2019 وبداية العام 2020م، بفعل تراخي قوات الأحمر، لكن تلك القوات استطاعت ان تحشد بقوة كبيرة للسيطرة على شبوة النفطية في الجنوب، واقتربت من السيطرة على عدن. في أغسطس (آب) 2019م، سقطت شبوة في قبضة ميليشيات اخوان اليمن المدعومة سعوديا وقطرياً، بعد تدخل سعودي لدى قوات النخبة بالانسحاب من عتق وهو ما أكد عليه القائد في قوات النخبة الشبوانية العميد محمد سالم البوحر "من أنهم انسحبوا من شبوة بناء على توجيهات "ابوسلطان السعودي". سقوط شبوة مثلت عملية غدر سعودية بالجنوبيين الذين حققوا الانتصار الوحيد لعاصفة الحزم، لكن مع ذلك عملت الرياض على جمع الأطراف اليمنية والجنوبية على طاولة حوار توجت باتفاق الرياض، الذي لم ينفذ منه أي شيء بفعل تعنت ميليشيات اخوان اليمن ورفضها الانسحاب من شقرة. وخلال العام الماضي، منحت السعودية الضوء الأخضر لإخوان اليمن بالتقدم صوب عدن لمحاولة السيطرة عليها، لكن ميليشياتهم فشلت في التقدم صوب العاصمة زنجبار، وتعرضت لضربات موجعة اسفرت عن مقتل العشرات من قادة الميليشيات الإخوانية بينهم قادة الوية. وعلى وقع الهجوم الكاسح الذي يشنه الحوثيون على مأرب، تواصل ميليشيات اخوان اليمن سحب قواتها من المحافظة والدفع بها صوب أبين، وهو ما أكدته مصادر عسكرية لـ(اليوم الثامن) "ان ميليشيات الإخوان المتحالفة مع الحكومة تعزز من قواتها في بلدة شقرة الساحلية، وان قيادات عسكرية من مأرب وصلت خلال الأيام الماضية للأشراف على عملية عسكرية يجري التحضير لها". ولفت مصدر سياسي جنوبي الى أن ميليشيات الإخوان تلقت دعما من ثلاثة أطراف إقليمية من بينها تركيا التي تسعى بقوة للدخول في المعترك ولكن بصفة رسيمة من الحكومة اليمنية التي تشترط ان يكون التنسيق مع السعودية لضمان عدم تعرض الموقف التركي لأي مواقف إقليمية. وقال المصدر عبر الهاتف لـ(اليوم الثامن) "هناك مؤامرة واضحة المعالم من أطراف إقليمية عدة، تسليم مأرب أمر محسوم بين الاخوان والحوثيين، وان المسألة تندرج في سياق الترتيبات لنقل قوات الاخوان الى وادي حضرموت وشبوة وأبين، لتحقيق سياسة التقاسم بين الأطراف الإقليمية المتصارعة "السعودية وإيران وقطر وتركيا".  وعلى الرغم من ان الملف الأمني في عدن بيد القوات السعودية التي تتحكم بالمشهدين العسكري والأمني بعد انسحاب القوات المسلحة الإماراتية، الا انه ما تشهد العاصمة عدن من حصار وعملية خطف وحرابة تؤكد ان هناك تحضير لعمل عسكري يزيح المجلس الانتقالي الجنوبي من المشهد السياسي. خلال الأسابيع الماضية نفذ قيادي في ميليشيات الإخوان (موال للقوات السعودية) بخطف شقيق سياسي جنوبي هو عبدالرحمن شيخ، للمطالبة بالأفراج عن عناصر إرهابية متورطة في هجمات إرهابية. الشهر الماضي، أطلقت السعودية ما أسمتها مبادرة لوقف الحرب في اليمن، لكن الحوثيين وإيران أعلنوا رفضهم لتلك المبادرة السعودية التي تضمنت فتح الأجواء امام الطيران المدني للهبوط في مطار صنعاء. الرفض الإيراني دفع السعودية إلى تجاوز تلك المبادرة الى الدخول في مشاورات غير معلنة في العراق وأخرى في سلطنة عمان، تهدف في الأساس الى وضع حد للحرب التي كلفت الرياض وطهران أموال طائلة. المشاورات السعودية الإيرانية في العراق، عززتها تصريحات لولي العهد السعودي الذي أكد على ان الحوثيين يمنيون ولديهم نزعة عروبية، مؤكدا انه قد يصل الى اتفاق مع إيران ينهي القطيعة المستمرة منذ أربع سنوات.  التصريحات السعودية قابلتها تصريحات إيرانية وكلها صبت في اتجاه "تقاسم الكعكة"، لكن الرياض على الأرجح تسعى للحصول على نصيب الأسد خاصة من الجنوب، لكنها في ذات الوقت تعتمد على أذرع محلية هي في الأساس تدين بالولاء لأطراف إقليمية أخرى. وعدت السعودية بتقديم منحة من المشتقات النفطية لدعم كهرباء عدن، وكان موعد ان تصل في الـ5 من رمضان، لكنها أجلت ذلك إلى بعد العديد، وهو الأمر الذي يبدو انها قد تراجعت عن المنحة ان لم تحصل على ما تريده. وتعاني عدن من ازمة كبيرة في التيار الكهربائي والمشتقات النفطية التي ارتفع سعرها الى عشرة ألف ريال يمني لـ20 لتر، الامر الذي ضاعف من معاناة السكان. يعتقد قطاع واسع من الجنوبيين ان السعودية تهدف من وراء هذا الحصار اجبار "المجلس الانتقالي الجنوبي"، على تقديم المزيد من التنازلات، لكن هذا لا يخفي المساعي الحثيثة لاقتحام عدن، وهو ما كشف عنه وزير الداخلية اليمني المعزول احمد الميسري. ويبدو ان صفقة تقاسم الكعكة قد وصلت الى النهاية، وان لا بد من التضحية بأحد الأطراف المحلية كما تعتقد السعودية، مع ان هذه الصفقة ان تمت تظل صفقة هشة في ظل مطامع ايران بالسيطرة على ما تعتقد انه الخليج الفارسي. تسليم مأرب للحوثيين، أمر يبدو قد حسم مبكرا من قبل الاخوان الذي يريدون التنازل عن مأرب مقابل السيطرة على الجنوب من المهرة شرقة إلى عدن غرباً، على ان تتوقف إيران عند الحدود مع مأرب، وهو ما تراه السعودية مصلحة لها، سيطرة الاخوان على الجنوب قد ربما يحققوا لها مطامعها التي تريدها "مد أنبوب يصلها ببحر العرب"، عدم اثارة ملف الحدود الجنوبية السعودية التي تنازل فيها نظام علي عبدالله صالح للسعودية مقابل دعم الأخيرة لحرب الاجتياح في صيف العام 1994م. الصراع على الحدود ترى السعودية ان ملف مقلق لها مستقبلاً، لذلك ترى ان اجهاض أي مساعي لاستعادة دولة الجنوب السابقة قد يعيد فتح الملف الذي اغلقه نظام صالح مقابل بعض الامتيازات المالية، بعد حرب صيف العام 1994م. ودائما ما تلوح السعودية بخيارات عدة من بينها دعم انفصال حضرموت والمهرة، لقطع الطريق امام أي عودة للدولة في الجنوب، لكن يرى جنوبيون انه من المهم اليوم ان تذهب القوات الجنوبية نحو السيطرة على مناطق حدودية استراتيجية، فالغياب التام عن هذه الحدود يعرقل أي موقف إقليمي داعم لاستقلال الجنوب في ظل سيطرة إيرانية كاملة على شمال اليمن.

*- نصر محسن ..اليوم الثامن