عدن مدينة حضرمية كما يؤكد ذلك التأريخ اليوناني قبل الميلاد

2021-11-30 10:33
عدن مدينة حضرمية كما يؤكد ذلك التأريخ اليوناني قبل الميلاد
شبوه برس - خـاص - عـــدن

 

هناك مشكلة عويصة يعاني منها مثقفين الشمال دائما ما يتحدثون عن جمل يطير ولا يقتنعون بجمل يسير، ذلك دأبهم في كل شأن من شؤون حياتهم، يشحنون صدور العامة بترهات الأباطيل ويقصون على الناس عجائب آل علوان، وما كذبت المركز المقدس ببعيد التي يرددونها عن بلادهم منذو أن بنى ابرهة الاشرم قليص صنعاء وقال هنا المركز المقدس ولم يتعضوا بالطير الأبابيل التي أرسلها الله عز وجل لاسقاط ذلك الوهم.

 

عدن مدينة حضرمية بامتياز، كما قال بذلك المؤرخ اليوناني هيردوت من ١٠٠ عام قبل الميلاد في كتابه ( التاريخ )، حيث سمى مدينة عدن مدينة القمريون نسبة إلى معبد القمر بمملكة حضرموت القديمة وتحدث عن سيادة مملكة حضرموت لها منذو ذلك التاريخ، وكذلك الأديب والمؤرخ والجغرافي ياقوت الحموي في كتابه الشهير ( معجم البلدان ١/ ٧ ) عندما تكلم عن عدن أبين حضرموت ولم يقل عدن أبين اليمن، وكذلك العلامة المؤرخ التونسي الحضرمي ابن خلدون في كتابه ( تاريخ ابن خلدون ١/ ٧ )، والمؤرخ والعالم العدني الحضرمي بامخرمة في كتابه الكبير ( قلادة النحر ١ /٦ )، وابنه العالم والمؤرخ الذي عرف باسم بامخرمة الصغير في كتابه ( تاريخ ثغر عدن)، والعالم العراقي اللغوي والمؤرخ الكبير الدكتور جواد علي في كتابه الضخم ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ١/ ١٠ ) الذي خص الجزء الثاني من مؤلفة عن حضرموت ودولها المتعاقبة.

 

بقيت عدن إلى ماقبل استيلاء الجبالية وعمال المصافي قبل ٥٠ عاما مدينة حضرمية بامتياز من حيث (العلماء، والتجار، والساسة، والادباء، والعمل المدني والمجتمعي، وجمعيات البر والخير)، إلى أن غدى الحضرمي على أيدي الرفاق كراني في مقهاية زكو بعدن للأسف الشديد، وهذه حكاية أخرى تفوق أساطير ألف ليلة وليلة ليس هنا مجال ذكرها.

 

أما عن المسميات التي ذكرها الرويشان في مدينة عدن فذلك يدل على أن المجتمع العدني مجتمع متسامح ومدني يقبل كل من جاء اليه ويكرمه ويجعله من نسيجه الخاص وليس غريبا عنه، وليس كما يدعي كاتب المقال.

 

مدينة عدن مدينة عريقة وميناء تجاري مفتوح منذو القدم، وكانت في عصور الإسلام الزاهرة مدينة العلم والعلماء وأطلق عليها المؤرخين مدينة الحديث حيث رحل لها كثير من علماء الحديث لطلب علم رواية الحديث عن علمائها ومنهم على سبيل المثال لا الحصر العالم الجليل والمحدث ابن حجر العسقلاني صاحب كتاب (فتح الباري في شرح صحيح البخاري) الذي أخذ علم الحديث عن علماء جامع إبان في عدن الذي عد في وقتها جامعة العالم الإسلامي قبل تأسيس الجامع الأزهر بمائة عام.

 

لكن الاستعمار البريطاني حجم مدينة عدن من حيث العلم الشرعي وجعل منها مدينة تجارية عمالية استقطب إليها الأيدي العاملة من تعز ومن البيضاء وغيرها من المناطق الشمالية وكذلك من الهنود والافارقة والاروبيين لتشغيلهم في الميناء عمال لنقل الفحم الحجري وعمال في مصافي عدن مثل قصر المعاشيق الذي بناه أحد التاجر اليوناني واقام فيه قبل تأميمه، وقامت بريطانيا بسياسة خلخلة التركيبة السكانية للمدينة خوفا من أبناء الجنوب وحضرموت حتى لايقوموا بثورة ضد المستعمر، وكون فيها مايعرف بفرقة الجيش الصومالي للحماية، حتى انها أصدرت القوانين التي تحد من ذلك مثل عدم دخول اي حضرمي أو جنوبي إلى عدن الا بتصريح خاص من السلطة البريطانية في عدن.

 

عدن كانت مدينة متسامحة كما يطلق هذا المصطلح اليوم على مدن العالم المتحضر، كان فيها الحي اليهودي والحي الهندي والحي اليوناني.. إلي أخره من أحياء عدن القديمة، وكان فيها ٣ كنائس مسيحية وكنيسين يهوديين ومعبد هندوسي ومعبد زرادتشي وأماكن عبادة للبهرة والاسماعلية وللزيود، ولكن ظل طابع مدينة عدن الطابع الإسلامي بمذهبه الشافعي.

 

ولم يقتصر دور عدن وأهلها في ذلك الوقت على التسامح بل كانت عدن أيضا الحضن الدافي لكثير من المناضلين الثوار في العالم، فناصرت وأوت ثوار الشمال أيام الإمام ودعمتهم في عملهم الثوري وفي تأسيس الجرائد والمجلات المناهضة لحكم الإمام، ولجأ لها محرر الهند وأبو الهنود غاندي عندما فر هاربا من جنوب أفريقيا لم يجد مدينة في العالم تفتح له ذراعيها ليقيم بها غير مدينة عدن، وكذلك الزعيم المصري صاحب ثورة ١٩١٩م سعد باشا زغلول الذي أقام فيها وكذلك الشاعر الفرنسي الشهير رامبو الذي عاش وعمل فيها...الخ.

 

قال الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى:

شعب على شفرة السكين يمتحنوا

               يبيدوا جيل وتبقين أنت ياعدن