"القاعدة" يوجه رسالة لقبائل أبين مع ترقب "معركة شاملة" ضده

2022-06-27 19:50
"القاعدة" يوجه رسالة لقبائل أبين مع ترقب "معركة شاملة" ضده
شبوه برس - خـاص - أبين

 

في الوقت الذي تواصل فيه القوات الأمنية والعسكرية المختلفة في محافظة أبين جنوبي اليمن، مساعيها لتوحيد الصفوف والجهود ضد التنظيمات المتشددة بالمحافظة، حاول تنظيم القاعدة في المقابل استعطاف القبائل، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه ”مستعد للحرب“.

 

وتأتي هذه التحركات -فيما يبدو- استعدادًا لاحتمال اندلاع معركة وشيكة بين الطرفين.

 

وقبل أيام، انعقد اجتماع استثنائي للقوات الأمنية والعسكرية المختلفة في محافظة أبين، بهدف توحيد الجهود وإنشاء غرفة عمليات مشتركة، ”لتحقيق استقرار أمني ومواجهة التنظيمات المتشددة“.

 

وخرج تنظيم ”قاعدة الجهاد في جزيرة العرب“ في المقابل، ببيان جديد منسوب إليه، أمس الأحد، يناشد فيه قبائل المنطقة إيقاف هذه التحركات.

 

ودعا البيان قبائل محافظة أبين، إلى ما وصفه بـ“عدم الانجرار إلى صراع يدفع ثمنه أبناء قبائلنا من أهل السنة“.

 

كما دعا البيان إلى ”مراجعة أفعال“ ما سمّاها حكومة شقرة“ في إشارة إلى القوات الحكومية الموجودة في مدينة ”شقرة“، بعد ”اعتزامها إطلاق حملة عسكرية لملاحقة المجاهدين من أنصار الشريعة في أبين، بعد عملية عسكرية قام بها بعضٌ من أفرادنا بصورة فردية، وقتلوا فيها عددًا من الجنود“.

 

وأشار البيان، إلى ”مخالفة أفراد التنظيم في هذه العملية“ التي أودت بحياة 3 جنود من قوات الجيش اليمني وإصابة 3 آخرين، الأربعاء الماضي، بمديرية أحور، جنوب محافظة أبين، ”على الرغم من وجود أوامر واضحة بعدم القيام بأي عمل ضد حكومة شقرة في هذه المرحلة، وذلك من باب السياسة الشرعية“.

 

وأكد التنظيم ”استعداده للحرب في حال اشتعال فتيلها، وإغلاق كل الفرص والجهود المبذولة“.

 

في حين لم يتطرق البيان إلى كثير من العمليات الأخرى التي شهدها عدد من المحافظات اليمنية المحررة خلال الفترة الأخيرة، ولم يعلن تبنيها أو نفي مسؤوليته عنها.

 

إمكانية العودة

 

يقول الخبير المتخصص في شؤون القاعدة، سعيد الجمحي، إن ”إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن أي عملية يقوم بها، هو جزء مهم من إستراتيجية التنظيم، على مدى السنوات الماضية، إذ كانت جميع العمليات تتلوها بيانات تؤكد تبني التنظيم وتؤكد فاعليته وقدرته على الاستمرار، على اعتبار حالة التكامل بين جانبهم الميداني والجانب الإعلامي“.

 

وأشار الجمحي إلى أن ”القاعدة تعيش حاليًّا فترة ضعف وترد في الأداء العملياتي والإعلامي، نتيجة ضعف الموارد المالية، إضافة إلى غياب القيادات الفاعلة التي لديها كارزيما في الاستقطاب والحضور الإعلامي وغيرها.

 

وأضاف ”لهذا فإن إخراج بيانات التبني والنفي بشأن أي عملية معينة، أصبح متأخرًا نتيجة لحالة الضعف التي يمرّ بها التنظيم على مختلف المستويات، إلى جانب رغبته في خلط الأوراق وتضليل خصومه“.

 

وأكد أن ”القاعدة عادة ما ينفي مسؤوليته عن أي عمليات أمنية أو عسكرية، لا تكون ضمن أهدافه ولا إستراتيجيته“.

 

واستطرد بالقول إن ”مسألة ضعف التنظيم أو تراجعه لا تعني أنه لم يعد قادرًا على الحركة، فتنظيم القاعدة في اليمن قادر على معاودة نموه وتمدده؛ لأن عوامل إعادة النشاط لا زالت موجودة في اليمن، الداخلية منها والخارجية“.

 

وأوضح أنه ”بالنسبة للعوامل الخارجية، نلاحظ أن التنظيم بشكل عام رغم خسارته في أبرز معاقله خارج اليمن كالعراق وسوريا، إلا أنه استطاع استبدال هذه المَواطن بمساحات أخرى، في شرق وجنوب آسيا وغيرها، فضلا عن وجوده بقوة أفغانستان، إلى جانب أجزاء من الصومال، وهي المنطقة التي من الممكن أن تغذي قاعدة اليمن“.

 

وبشأن ”العوامل الداخلية“ التي تُمكّن التنظيم من العودة والتمدد في اليمن، يرى الخبير في شؤون ”القاعدة“، أن ”الأوضاع في اليمن غالبا ما توصف بأنها هشة، وحاليًّا يعتبر الوضع أشد هشاشة على مستوى النظام السياسي وتدهور الوضع العام للبلاد، ولو كان التنظيم في قوته التي كان عليها ما قبل العام 2011، لشهدنا كارثة وعمليات موجعة، ولربما يتحول اليمن إلى موطن للقاعدة“.

 

وقال الجمحي، إن ”عملية مواجهة مثل هذه التنظيمات بشكل حقيقي في الوقت الحالي، تحتاج إلى إعادة بناء الدولة وتفعيل مؤسساتها وتطهيرها من الفساد، وفي الواقع نحن أمام مصفوفة من التحديات في اليمن، في مقدمتها الاستقرار السياسي والاقتصادي وإعادة بناء المؤسستين العسكرية والأمنية وغيرها من التحديات، وهذا ما يجعل اليمن غير مستعد للمواجهة“.

 

رأب الصدع

 

ودعت إدارة أمن محافظة أبين، التابعة للحكومة الشرعية، الأربعاء الماضي، بقية القوات الحكومية في المحافظة والقوات الأمنية والعسكرية الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي في أبين، إلى ”طي صفحة الخلافات“ والانضمام إليها للمشاركة في ”عملية شاملة ستخوضها لتطهير أبين من العناصر الإرهابية، ممثلة بتنظيم القاعدة“.

 

وفي اليوم التالي، عُقِد اجتماع للقوات الحكومية والقوات الموالية للانتقالي الجنوبي في أبين وقوات من ألوية العمالقة، بحضور محافظ المحافظة، لمناقشة تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية في أبين، للحفاظ على الأمن والاستقرار.

 

ويأتي هذا الاجتماع الاستثنائي بعد مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية وأخرى موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، بين مدينتي زنجبار مركز محافظة أبين، وشقرة، منذ آب/ أغسطس 2019. كما يتزامن مع جهود اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، المشكّلة من قبل مجلس القيادة الرئاسي، مطلع الشهر الجاري، بموجب المادة رقم (5) لإعلان نقل السلطة في البلاد.

 

ويرى وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي، أن اللقاء الذي شهدته أبين، ”جاء في المقام الأول وفق إطار توحيد الجهود ورأب الصدع الذي اعترى القوات في المناطق المحررة من الفترة الماضية، ولتقريب وجهات النظر، وأيضًا تنسيق العمليات المشتركة في إطار مكافحة الإرهاب والجماعات الخارجة على القانون في محافظة أبين“.

 

وأشار في حديثه لـ“إرم نيوز“، إلى أن ”هناك جهودًا أخرى تُبذل في إطار هيكلة القوات بشكل عام، على مستوى أعلى من المستوى الميداني، من خلال المؤسسة العسكرية والأمنية العليا، بقيادة الجنرال، هيثم قاسم طاهر“.

 

وقال الشرمي ”لا زلنا حتى اللحظة نتابع الجهود وهي تمضي على قدم وساق، بغية تحقيق هدفها في إعادة الهيكلة، رغم التحديين الرئيسين اللذين تواجههما عملية هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية، والمتمثلين في إعادة التنظيم لهذه المؤسسات في إطار واحد، إلى جانب إعادة العمل وفق مسرح عمليات مشترك“.

 

إرادة حقيقية

من جهته، أعرب الصحفي فضل مبارك عن أمله في ألا تكون هذه الحملة الأمنية والعسكرية ضد القاعدة في أبين مشابهة لسابقاتها من الحملات ”كتحصيل إعلامي فقط، دون تحقيق نتائج مرجوّة على الأرض، لا سيما في الظروف والأوضاع المعقدة للراهن اليمني“.

 

ويعتقد مبارك في حديثه لـ“إرم نيوز“، أن ”أبرز عوامل نجاح هذه الحملة الأمنية، متجسد في توفر إرادة حقيقية لجميع القوى والأطراف في المشهد، وتوحيد صفوفها وموقفها من هذا الملف المؤرق الذي أصبح يستخدم كورقة في إطار اللعبة السياسية كلما دعت الحاجة“.

 

وأكد أن ”توحيد جميع الأجهزة والقوات الأمنية في أبين، سواء على خصوصية الحملة الأمنية أو بصورة عامة، سيخلق أثرًا إيجابيًّا فاعلًا، لتحقيق مستوى من الاستقرار الأمني في المحافظة التي بات أبناؤها في أمس الحاجة إليه، وسط هواجس التباينات السياسية في المشهد التي تتنازعهم“.

*- شبوة برس ـ ارم نيوز