عملية إضعاف ممنهجة تجري في الساحة الجنوبية لصالح الحل الأحادي مع الحوثي

2023-02-11 19:23
عملية إضعاف ممنهجة تجري في الساحة الجنوبية لصالح الحل الأحادي مع الحوثي
شبوه برس - خـاص - عــدن



جسمان سياسيان عسكريان يمسكان بمعادلة القوة من طرفيها ، شمالاً الحوثي وجنوباً الإنتقالي، وبينهما شرعية رخوة ينخر عظامها الفساد من المال العام والوظيفة العامة وحتى الإجهاز على الجندية الوطنية ، من خلال تحزيبها لصالح جماعة ترى في نفسها الوطن.

ولأن رهان الإقليم قد حدد مساره بإتجاه تعضيد حضور طرف على حساب سائر الأطراف ، فإن عملية إضعاف ممنهجة تجري في الساحة الجنوبية لصالح الحل الأحادي مع الحوثي ، الذي يراد له ان يكون محور الثقل في مضمار سباق مشاريع التسوية.

هذا الإضعاف الذي تعمل عليه السعودية يشتغل على اكثر من رافعة :

الأولى تكثيف المشاورات مع أبو ظبي الداعم الرئيس للقوات الجنوبية ، وتحويلها من مصدر إمداد عسكري مالي ، إلى أداة ضغط تجبر حليفها الجنوبي على تخفيض سقف مطالبه ، والتساوق مع المشاريع التي تعد ، وهي مشاريع تضع الإنتقالي أمام حدي مشكلة :

رفضها يعني تجفيف مصادر الدعم ومن ثم الإقصاء.

وقبولها ينذر بخطر تفجير الإنتقالي من داخله ، وخلق حالة صراعية بين قادته وحواضنه الشعبية.

الرافعة أو الخيار الثاني الذي تعمل عليه الرياض ، لتكريس حوار الطرف الواحد أي مع الحوثي مع رتوش شكلية لمسميات حليفة لها ، هو خلق كيانات عسكرية مموهة جنوبية القيادة والأفراد ، من جهة للضغط على رقعة حضور الإنتقالي والتغذية من مكامن قوته العسكرية التقليدية (المثلث)، ومن جهة ثانية إستثمار الأخطاء الهيكلية للإنتقالي في إبعاد مناطق ورموز من التسلسل القيادي أو تخفيض حصتها ، وهي مناطق الصراع السياسي في مرحلة ماقبل ومابعد عام تسعين.

لن نقدم لغة تعليمية تبدأ بيجب وينبغي ، بل سنضع محددات أمام الإنتقالي :

الشفافية مع قواعده ووضعها في صورة ما يعرض عليه من مشاريع تسوية ، لإبقاء حضوره في وضع متماسك غير قابل للتململ والتآكل والإختراق.

إعادة قراءة مشروعه السياسي ، والبحث عن مجريات التغيير التي جرت مابين سقف الأمس العالي واللحظة والإرتدادية الراهنة.

الحقيقة الصادمة التي على الإنتقالي الإقرار بها ، أن الإقليم لم يعد هو ذاك الذي يبيع الوعود الكاذبة ،بل بات يمانع علناً فكرة فك الإرتباط ، وعليه الإنتقالي ربما بحاجة إلى إعادة صياغة تصورات ، قابلة للتعايش مع مصالح الإقليم ، والإستثمار في تمرير إمكانية مرحلة مشروعه السياسي بمرحلتين مزمنتين ، إقليمان مع فترة زمنية يعقبها إستفتاء على حق تقرير المصير.

في حال نجح في فرض مثل هكذا خيار سيكون بعيداً عن المشاعر السياسية العاطفية الملتهبة ، وخارج لغة التخوين ووصم القيادة بالتفريط ، قد حقق إنتصاراً أو نصف إنتصار ، وهو أكبر من ما يسوق له الإقليم، من كانتون جنوبي أو في أحسن الأحوال حكماً ذاتياً بلا جيش بلا ثروات بلا سياسة خارجية ، أي كياناً هشاً غير قابل للحياة.

هذا ليس رأياً شخصياً يعكس قناعاتي السياسية ، بل محاولة لقراءة المشهد كمراقب وتلمس مساراته بأكبر قدر من الموضوعية.

خالد سلمان

.