عندما يبكي الرجال!؟

2023-03-31 23:07



نعم انهم يبكون عند التعرض لظلم لا يمكن رفعه أو قهر لا يطاق ... إن الرجال يبكون عندما تتزايد عليهم ضغوط الحياة وتكون أكبر من طاقتهم وقدرتهم ... وربما لسماع خبر سار أو أمنية تحققت بعد طول انتظار ... نعم إن الرجال يبكون ... فقد يكون بكاؤهم رقة ورحمة ... وقد يكون خوف وخشية ... وقد يكون فرح وسرور ... وقد يكون ندم وجزع ... وقد يكون ظلم وجفاء ... في النهاية دموع الرجال عزيزة وغالية كاللؤلؤ ... واذا سقطت دموع الرجال فاعلم أن الهموم فاقت قمم الجبال !!



وهذا ما يحدث بواقعنا المر الذي يبكي حجار اليمن كله حروب بلا عناوين ولا أفق ولا حلول ولا مبادئ ولا نهاية لها حروب تتناسل منذ 8 سنوات مدن مدمرة وأمرض منتشرة وقتال مستمر ليلا ونهارا وأرواح تزهق والأطراف المتحاربة كلها ترفع الشعارات الدينية وتدعي الوطنية وهي تتكسب من وراء تلك الحروب التي أهلكت الحرث والنسل وكل يدعي أنه على الحق وعلى يديه سيتحقق العدل والحرية والمساواة وهو يكذب على نفسه وعلى الناس !!

وأصبح المشهد الدموي يمثل أشد المواقف هياجاً للمروءة ،

وأقوى درجات الألم المكبوت الذي يفجّر الدم في الشرايين

هو ذلك المنظر الذي تشاهد فيه الرجل ينفجر بكاءً مكبوتاً متقطعاً يستعصي على أقوى الرجال وأشدهم صلابة إظهار رباطة الجأش

وهو يتوقع القتل والجرح والأسر والضرب والإهانة في أي لحظة وتمزقت الأسر وتحولت الى قطعان من المشردين داخل وخارج أوطانهم فكيف لهم لا يذرفون الدموع وهي ليست دموع ألم عضوي بل هي دموع الحزن حُرقه وألما بل النفس تفجرها كبتاً

على فراق الوطن مكرها أو فقد عزيز على قلبه أو ربما فقد والديه معا أو جاره أو أحد أصدقائه في الحرب !!

بعض الرجال لا يبكون مهما كلفهم الأمر بل يفضلون أن يعبروا عن حزنهم فالعرف المجتمعى والتقاليد تحث الرجل على ان يكون قويا دائما وسندا لأسرته وبالتالى فقد تجد أن بعض الرجال لا يحبون ان يبكوا وإذا كان الأمر خارج عن إرادتهم وبكوا فإنهم يحرصون على ان لا يراهم أحد وهم يبكون وإن كان البكاء ليس له علاقة في حقيقة الأمر بالرجولة لأنه ما هو ألا رحمة إلا أن العادات الاجتماعية تفرض على الرجل بعض القيود في هذا الأمر ونحن نقول : من قال أن الرجال لا يبكون ؟ بل والله الرجال يتألمون وبحاجة ملحة إلى البكاء. فَنحن نجد السابقين من الأنبياءِ والرسُلِ بكوا في المِحَنِ والشدائد، بكوا خشيةً وخوفا من الله، بكوا على فراق الأحبة والأهل، ولم يكن ذلك ضعفا بل هو فطرة الله التي فطر الناس عليها دون تمييز لجنسٍ على الآخر. نجد النبي عليه الصلاة والسلام في قول سيدنا عبدالله بن عمر: "لأن أدمع من خشية الله أحب إليَّ من أن أتصدق بألف دينار". قال يزيد بن ميسرة: "البكاء من سبعة أشياء: البكاء من الفرح والبكاء من الحزن والفزع والرياء والوجع والشكر، وبكاء من خشية الله تعالى".

لذلك خلق لنا الدموع كي تخلصنا من جميع الأثقال المُحملة في قلوبنا؛ كي نبوح من خلالها عن الزخم والشتات الذي لا نستطيع التعبير عنه ولا التخلص منه سوى بالدم يبكي الرجال عند عجزهم عن تأمين لقمة او لعبة أو ادنى رغبة لأولادهم...

يبكي الرجال لخشوع الله ولفراق وطن ولغياب أحبة!!

نعم يبكي الرجال ولكن...في دياجير الظلام و تحت الأمطار وعلى الوسائد .... دموع الرجال لا تخرج من مقلة العين على الخد فيراها الجميع ... بل تخرج من القلب وعلى القلب ...ولعل الأدهى والأمر هذا النوع من البكاء الذي هو ناتج عن قهر الرجال المستقوين بالسلطة وجبروتها وقوتها !!

فيظهر اثرها في التنهدات والنظرات و تجاعيد الوجه وبياض الشعر .

د . علوي عمر بن فريد