الجنوب يرحب بالسلاطين

2023-05-15 16:53
الجنوب يرحب بالسلاطين
شبوه برس - خـاص - عــدن


كنت في حديث هاتفي مع شيخ مشايخ المفلحي -فيصل قاسم المفلحي- رئيس -تحالف القوى الوطنية الجنوبية -والذي يقيم في منفاه في جدة . ولقد وجهني ان اتابع النقل التلفزيوني لاحتفالات التوقيع على الميثاق الوطني بحضور الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي .

وشاهدت الوفود التي شاركت في الملتقى من مختلف المكونات وعلى مستوى ارض الجنوب العربي ، وكانت المناسبة التاريخية هي انعقاد الملتقى التشاوري ، ومناقشة الميثاق الذي اعلن وشكل الاساس لمشاركة الجميع دون استثناء اي جنوبي مهما كان موقفه واسباب معارضته فالمعارضة جزء من الواقع السياسي والاحتماعي في اي مجتمع .

تابعت ذلك الحفل البهيج والذي نقلته -محطة عدن المستقلة - تابعته وبحالة من الفخر والفرح ، حيث التأم ذلك الملتقى بعد جهد عظيم ولمّ شعث الوطن ، عبر جهود ومثابرة فريق الحوار الجنوبي وعلى رأسه رئيس فريق الحوار ، الشخصية المتالقة الدكتور -صالح محسن الحاج -والذي ابلى بلاءً حسنا في ان حقق ذلك النجاح المدوي بعد اكثر من ١٨ شهرا من الاسفار والحوارات مع كل المكونات الجنوبية .

ولقد سالت الشيخ فيصل المفلحي هل تتوقع ان للسلاطين حضوراً وتمثيلاً وادواراً مستقبلية في خدمة الوطن ؟ فكان رده ان مكون -تحالف القوى الوطنية الجنوبية - تأسس ليضم حكام ولايات الجنوب العربي وان ممثلي المكون الى ملتقى التشاور - الامير مهدي حسين جعبل الفضلي- والامير -صالح حيدرة الاميري -

هما بين الحضور . واضاف ان السلاطين او حكام الولايات سابقا ، هم اليوم في خضم المشهد الوطني جنباً الى جنب مع كل القوى والمكونات والاحزاب الجنوبية .

وعن حكام ولايات الجنوب العربي فقد آن لهم ان يعودوا الى الجنوب بعد نفي استمر لما يزيد عن نصف قرن ، ومن حكام ولايات الجنوب في المنافي من كان يتمنى ان يشهد هذا الحفل الوطني البهيج ولكن رحل قبل ان ترى عيناه هذا الحدث التصالحي العظيم .

كنت اقراء في صحيفة الاهرام عن عودة ابن ملك مصر - احمد فؤاد - بعد نفي طال منذ ثورة يوليو ١٩٥٢م وعلمت ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد امر بتكريمه ورعايته هو واسرته ، ومنحه جواز سفر دبلوماسي ، وكان مسمى وظيفته ( ملك ) هنا يكون قد اعاد رئيس مصر عبد الفتاح السيسي الاعتبار لاسرة ملكية بنت مصر وتركتها في عز مجدها والقها وروعاتها .

فهل سيجد حكام ولايات الجنوب العربي ما يطيب خواطرهم ويضمد جراحاتهم النازفة ؟ فهم كانوا ولا زالوا من فئة الاخيار والاحرار ، وقدموا للوطن خدمات جليلة واهمها ان تاريخهم يمتد في ادارة شؤون الجنوب لاكثر من سبعة قرون ، بل وسلموا الجنوب دون ان تضيع من مساحته حتى قيد انملة ، كما انهم تنازلوا طوعاً ولم يطالبوا باستعادة قصورهم ومزارعهم وبيوتهم . ويشهد على ذلك قصر السلطان العبدلي في عدن وقصر السلطان الكثيري في سيئون ، كما انهم وطوال سنوات منفاهم كان الجنوب يسكن حناياهم العامرة بالوفاء والحب للوطن .

وعن ملتقى التشاور فلقد توقفت امام الشخصية المدهشة والرائعة وهو رئيس فريق الحوار - الدكتور صالح محسن الحاج فسمعت في حديث هذا الانسان روح الوفاء العميق للوطن ، ولقد احسن الرئيس عيدروس حفظه الله ، في ان اختار هذه الشخصية الملهمة في وعيه وحديثه والذي يفيض بالامل والعرفان للوطن .

والحقيقة فأنني كنت ولا زلت اتابع الكثير من مقابلات الدكتور الحاج وتصريحاته وشدني منطقه الواعي وسعة صدره ، بل وتلك الظرافة في بعض اقواله وأتذكر في خطابه في الملتقى حينما قال - انه تمنى على اللواء -فيصل رجب - ان يكون بين الحضور في حفل التوقيع على الميثاق الوطني- فكان ان رد اللواء فيصل - ومن يلفني ؟! فكان جواب الدكتور صالح - انا الفك - فرد عليه اللواء ساخراً - بل ومن يلفك أنت !? هذه الروح المرحة والتواضع الجم هي التي قربت كل المكونات الى بعضها ، فألتام الشمل في عرس جنوبي ديمقراطي بهيج .

بقي ان اقول ان هناك عبارة ترددت على لسان الدكتور -صالح محسن الحاج -وهي -اهمية الاعتذار وجبر الضرر- . والاعتذار وجبر الضرر يشكل الترياق الذي تشفى به كل جراحات الوطن العميقة ، وطالما وحكام الولايات اليوم يشكلون وجاهة اجتماعية فلا اقل من بحث فكرة تاسيس - مجلس اعيان - وتعيينهم اعضاء في هذا المجلس ويكون بذلك جبراً للضرر الجسيم الذي احاق بهم ، فهم اليوم يشكلون واجهات اجتماعية وجزء من تاريخ الوطن الجنوبي الجميل .

واخيرا اسال هل بلغ الجنوب مرحلة متقدمة من التفاهمات والحكمة والتسامحات ؟ واكاد اقول ان الجنوب اليوم يقدم النموذج الفريد في تضميد الجراحات ولم الشمل وقبول الآخر ولقد آن للوطن العربي ان يوجه انظاره صوب الجنوب العربي لينهل من تجربته الرائعة
في الحوار مع من يختلفون معهم فليس هناك من يملك الحقيقة وينكرها على الغير .
وفي البدء كانت الكلمة ،والكلمة هي في الاصل جوهر الحوار .ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}



*- فاروق المفلحي ـ كندا