لماذا صمدت الهوية العربية الجنوبية و سقطت او تكاد تسقط فكرة ما سمي مشروع الأقيال عند اليمنيين؟
لكن قبل الحديث في هذا الامر لا بد لنا من التطرق عن ماهية الهويات.
هناك تعريفات كثيرة للهوية و تختلف من فلسفة إلى أخرى و مع ذلك هناك مشتركات في أركان الهوية.
الهوية هي مجموعة السمات التي تميز شيئا عن غيره أو شخصا عن غيره أو مجموعة من البشر عن غيرها و يجمعها موطن واحد، و مصالح مشتركة.
فالهوية الوطنية ليست جسما جمادا و لا موجوداً أزليا، بل كائن يصنعه أصحابه من خلال تطوير فهم مشترك للذات وسماتها المشتركة والتاريخ و الثقافة و المصالح الجامعة.
فالهوية الجنوبية صمدت في وجه مخاطر طمسها منذ قرونا بعيدة و شكلت الرابط الذي وحد ابناءها في التصدي للغزوات على الجنوب عبر التاريخ من الغزو الحبشي الى الغزو اليمني الى البرتغالي الى تحجيم الاستعمار البريطاني في عدن فقط الى مقاومة اليمننة و الاحتلال اليمني في ٩٤م.
رغم ما يجري من تضخيم لهويات محلية و فرعية في الجنوب اليوم على ايدي مخابرات دولية خدمة لمشروع الحوثي، فإنها لن تصمد أمام المد الوطني الجامع للهوية العربية الجنوبية التي ظلت قائمة و إن خفتت في مراحل تاريخية بفعل ظروف قاهرة لكنها قاومت.
و لنا في مشروع الاقيال خير مثال على مشاريع الهويات الفاشلة او العدمية و من يستحضرون تلك الهويات "المتحفية" كالفرعونية و الفينيقية أو البابلية و السبأية او الحميرية فانهم لا يستطيعون احياءها لان هذه الهويات لم تعد صالحة و لا يمكن لها ان تحيى مطلقا و تنجح في إيجاد روابط مشتركة للناس في عصرنا و لن يجد فيها كثيرون ما يربطهم و يحفزهم على الانتماء اليها و ستبقى محصورة في عقول بضعة يائسين و مهزومين او عصبة نشطاء يجدون فيها تنفيسا عن حالة إحباط ولا ازيد من ذلك.
هذا لا يعني ألا تستمد الشعوب جوانب إيجابية مشرقة من موروثها التاريخي و تسقطه على هويتها الجديدة فهذا أمرا محمودا لا جدال فيه.
في الاخير يمكن القول، الرابطة الوحيدة و الهوية التي لها من مقومات النجاح القوية الكثير من العوامل هي الرابطة العربية رغم تراجعها امام الدولة القطرية في ظل انهيار المشاريع السياسية القومية.
*- د. حسين لقور #بن_عيدان ـ أكاديمي ومحلل سياسي
٤ يونيو ٢٠٢٣