وجه برلماني جنوبي الدعوة للزملاء في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وشركاءهم إلى إبلاغ الشركاء الإقليميين والدوليين بما في ذلك الشركاء الشماليين، بعدم جدوى الاستمرار في هذه الشراكة القاتلة لشعب الجنوب، وسيكون من المشَرِّف للمجلس الانتقالي الجنوبي الخروج من الحكومة ومن مجلس القيادة، ما لم تصبح هاتان المؤسستان أداتين في يد الشعب الجنوبي لتنظيم حياته وتطوير مستوى معيشة أبنائه واستعادة الحقوق الحياتية البديهية وأهمها حق الحياة.
جاءت هذه الدعوة في موضوع للدكتور "عيدروس نصر النقيب" تلقى محرر "شبوة برس" نسخة منه وننشر نصه كاملآ:
القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم (4)
لا بد لنا ونحن نناقش مسألة هامة ومعقدة لكنها حساسة ومصيرية وهي قضية العلاقة الجدلية بين الهدف والوسيلة أو بين القضية الاستراتيجية والوسائل التكتيكية، لا بد لنا من التأكيد على جملة من الحقائق التي هي في نظري الشخصي (على الأقل) وبلغة الرياضيات نفسها مسلمات أو بديهيات لا تقبل المناقشة ناهيك عن التفنيد والدحض وأهم هذه الحقائق:
لماذا نتحدث عن الخطة (ب) ؟؟
في جميع القضايا الإشكالية والصراعات السياسية وحينما يذهب الطرفان المتنازعان للتفاوض يدخلان وبيد كل منهما أجندته السياسية التي تتضمن موقفه من الإشكالية الرئيسية وتفسيره لمضمون المشكلة ومقترحاته للوصول إلى حل للقضية، ولأن الرؤى مختلفة والمواقف متعارضة والمقترحات متباينة وأحيانا، بل وفي الغالب الأعم متناقضة بتناقض المصالح والأهداف فإن كل طرف يذهب للتفاوض ولديه العديد من الخيارات والبدائل التي من خلالها يمكنه الوصول إلى الغاية الرئيسية التي يسعى لتحقيقها.
وإذا كنا قد أشرنا أن تاريخ العلاقات الشمالية-الجنوبية الحديثة وربما الوسيطة والقديمة قد اتسم بالصراعات الدائمة، وظل الطرف الشمالي في الأغلب الأعم يتحدث عن أمور وأهداف ويضمر ويسعى لتحقيق غيرها، فهو إنما يعتمد فلسفة الخطة (ب)، وهذه ليست ميزة شمالية فقط بل هي سياسة متبعة في معظم الصراعات والمواجهات والتباينات السياسية في كل العالم.
والخطة (ب) كما هو معروف للجميع هي الخطة البديلة للبرنامج أو النص أو مشروع العمل الرئيسي الذي يعلنه طرف سياسي أو عسكري أو تتوافق عليه عدة أطراف سياسية أو عسكرية متخاصمة أو متوافقة، وكثير من الكيانات السياسية والعسكرية والأمنية، بل إنه وحتى الكيانات والمؤسسات الاقتصادية تضع أكثر من بديل للحالات التي تخطط لمعالجتها والمشاريع التي تسعى لإنجازها، وقد يشمل ذلك الخطة (ب) و (ج) و (د) . . إلخ، تبعاً لمعطيات القضية المطروحة والمهمات المرسومة والأهداف المعلنة، أو غير المعلنة.
وكما سبقت الإشارة فإن تجربة الجنوبيين مع الأشقاء الشماليين تؤكد بما لا يقبل الشك أو الالتباس أن كل الاتفاقات والمعاهدات التي جرى التوقيع عليها بين الجنوب والشمال كانت في كثير من الأحيان توقع، لغرض غير الغرض الذي يعلن عنه الطرفان بمشاركة أو بدون مشاركة الطرف الوسيط أو الميسر.
وكي لا نغرق مطولاً في تقييم تجربة 22 مايو المؤلمة من المهم أن ندرك أن الطرف الشمالي (والمقصود هنا نظام الجمهورية العربية اليمنية برئاسة علي عبد الله صالح) كانت لديه خطته (ب) وهو يوقع على اتفاقية 30 نوفمبر 1989م وبيان 22 مايو 1990م، وملخص هذه الخطة هو التهام الجنوب والقضاء على دولته وتحويل الجنوب إلى غنيمة حرب له ولأتباعه وشركائه ، سواءٌ بالسلم (المستحيل) أو بالحرب وهذا ما جرى مع إشعال حرب 1994م العدوانية على الجنوب وما ترتب عليها من نتائج تدميرية على الجنوب والجنوبيين مما يعلمه القاصي والداني، ولا أدري (ولا أتصور) أن الطرف الجنوبي كان لديه الخطة (ب) وهو يوقع على الاتفاقية والبيان المذكورين.
إن الطرف الجنوبي اليوم وهو يجرب تذوق الثمرة المرة للشراكة البائسة مع الأشقاء في الجمهورية العربية اليمنية (السابقة) ينبغي أن يكون لديه خطة أو أكثر كبديل احتياطي للاحتمالات المتوقعة التي ستلي فشل هذه الشراكة غير المتكافئة وغير المنطقية ونقول الفشل، لأن ملامحه تلوح في الأفق القريب.
أما ما فحوى الخطة (ب) فهذا ما سنحاول التوقف عنده في لقاء قادم.