نضال وبسالة الشعب الفلسطيني

2023-10-24 14:07

 

يناضل الشعب الفلسطيني نضال الذاكرة ضد النسيان. قتل وطرد الناس من المدن والقرى التي صارت في ١٩٤٨ «أرض دولة إسرائيل» ودفعوا إلى الجزء الشرقي من القدس والضفة الغربية (تحت الإدارة الأردنية بين ١٩٤٨ و١٩٦٧) وقطاع غزة (تحت الإدارة المصرية بين ١٩٤٨ و١٩٦٧) وإلى الجوار العربي في لبنان وسوريا. فلم يكن من العائلات الفلسطينية غير أن أخذت معها مفاتيح بيوتها وصكوك ملكية مزارعها التي طردت منها ظلما وقهرا، وتمسكت بالروايات الموثقة عن الحقوق المغتصبة وحق العودة وتوارثتها عبر الأجيال دون أن تخبو في الأذهان أو في الضمائر ذاكرة المكان، ذاكرة فلسطين .

وحين احتلت السلطة الغاشمة في ١٩٦٧ بقية القدس وكل الضفة والقطاع وأعملت في الناس مجددا القتل والطرد والتهجير، قاوم الفلسطينيون تارة مقاومة مسلحة وأخرى من خلال انتفاضات سلمية واجهتها السلطة الغاشمة بقوة مفرطة وعنف ممنهج لم يخجل ممارسوه من ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات مفزعة وثقتها عديد التقارير الدولية، حكومية وغير حكومية. واضطلع نضال الذاكرة ضد النسيان بدور أساسي في مقاومة الفلسطينيين للسلطة الإسرائيلية الغاشمة، وفى تثبيت الحق في العودة وحق قيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية إزاء تجاهل القوى الكبرى وعجز الحكومات العربية عن مواجهة غطرسة إسرائيل .

 

 

يمرُّ التاريخ، حتى جاءنا قومٌ من وراء البحار والمحيطات يدّعون ما يدعون، اغتصبوا أرضَ فلسطين، وطردوا أهلها، وأقاموا دولتهم المزعومةَ عليها، وأسموها اسمًا آخر لم يكن له أي وجود بالتاريخ

اليوم، نرى من يدافع عن وطنه ويهاجم المحتل الذي جثم على صدره طَوال أكثر من سبعين عامًا

لن يسكت صاحبُ الحقّ أكثر من ذلك عن اغتصاب حقّه في أرضه "فلسطين"، حتى يرجعه دون خشية أعدائه أو من يدعمهم ولا يبالي بمن يخذله حتى ينالَ النصر. فالحق يبقى حقًا لصاحبه، فكيف وهو "وطن"؟

كل ما سبق من حقائق تبدو بسيطة في الفهم أو البيان، وما جرى اليوم هو بسيط بفهمه، لكن الذي آلت إليه الأمورُ أن من أصحاب هذا الحق، وفي الصف الأول يدافعون عن حقهم بكل بسالة، ويدافعون عن القيم الإنسانية والمعاني السامية، وكما رأينا كيف يجري ذلك في الواقع الذي نشاهده ونحن جاثمون أمام شاشات التلفزيون

قلوبنا وجوارحنا معهم، ولكن يا للأسف، لا نملك أسيافًا، فأسيافنا قد أخذت منا منذ زمن، وحتى ألسنتنا وُضع عليها أقفال، مفاتيحها ليست معنا، أصبحنا مثل أموات، ولكن أموات من فئة عجيبة، تأكل وتشرب وترى وتسمع وأيضًا تتحرك، ولكن بلا رُوح

ليس لنا إلا أن نقول: (لاحولَ ولاقوه الا بالله)

وفي النهاية، يجب أن نتذكر دائمًا أن قضية فلسطين هي قضية إنسانية تتعلق بحقوق الإنسان والعدالة

ينبغي على المجتمع الدولي أن يتحد ويتخذ إجراءاتٍ فورية للحدّ من الاعتداءات الإسرائيلية، والمساواة في التعامل وَفقًا للمواثيق الدولية، والسعي إلى تحقيق سلام دائم في هذه المنطقة المضطربة

وبالنسبة لي، لا أزال أرى أن القضيةَ الفلسطينية تجسّد إصرار وصمود الشعب الفلسطيني، ويجب أن نكون جميعًا جزءًا من هذا الصمود، ونعمل من أجل مستقبل يتّسم بالسلام والعدالة للجميع .

ويقول محمود درويش :

الوحش يقتل الف ثائر

والأرض تنبت ألف ثائر

يا كبرياء الجرح

لو متنا لحاربت المقابر!

فملاحم الدم في ترابكِ مالها فينا أواخر.

حتى يعودَ القمحُ للفلاح يرقصُ في البيادر

ويُغرّدَ العصفور حين يشاء في عرس الأزهار

والشمس تشرق كل يوم.. في المواعيد البواكر"

 

د . علوي عمر بن فريد