(الجنوب).. من الاستقلال الأول إلى الاستقلال الثاني

2023-11-27 15:02

 

ماهي إلا أيام معدودات ونحتفل بالذكرى السادسة والخمسون  لذكرى استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني  وإعلان دولته المستقلة ذات السيادة ، في هذه الأيام سنرى قنوات وإعلام ما تسمى الإخوان وهي تتباهى بشعار ذكرى استقلال الجنوب السادسة والخمسون  ، طبعا هم لهم مقاصدهم الإنتهازية من ذلك التباهي ، وسيعملون لقاءآت خاصة وسينشرون بعض مقاطع صور عن استقلال الجنوب ، هم بذلك يحاولون استغلال ذكرى استقلال الجنوب للترويج عن مايسمى اليمن الواحد أو الموحد أو اليمن الإتحادي وخدمة لصالح سياستهم العدوانية بشكل عام ضد استقلال الجنوب الثاني  الذي يفاوض عنه اليوم المجلس الانتقالي الجنوبي ، لكنهم  لا يعلمون أنهم بذلك يقدمون  خدمة كبيرة للجنوببين وقضيتهم ، بها يوضحون للعالم  حقيقة أن الجنوب كان دولة مستقلة ذات سيادة ولوقت قريب ، وأيضا يثبتون للعالم  أحقية الجنوبيين في ثورتهم المطالبة بإستعادة دولتهم المستقلة (الحصول على الاستقلال الثاني) .

 

  واكثر مايفضح  مغالطاتهم وإنتهازيتهم مما تبثه قنواتهم الإعلامية في ذكرى استقلال الجنوب هو إنعقاد السنتهم عن النطق بالحقيقة  وإذا نطقت فإنها لا تنطق إلا كذبا ومخادعة عندما يطلب منهم أن يعترفوا أن الجنوب وإلى قبل عام 1990م كان دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في منظمة الأمم المتحدة ، بل أن رؤوسهم تتصدع من ذلك السؤال ، ولايريدون الاعتراف البتة أن الجنوب بالفعل كان دولة مستقلة ، وهذا يدل على أن ما نشاهده في قنواتهم الإعلامية من أفراح وأغاني وتهنئات في ذكرى ثورة 14 أكتوبر وفي ذكرى استقلال الجنوب  ليست إلا أحد أنواع مغالطاتهم وأكاذيبهم و إنتهازيتهم السياسية الممارسة ضد الجنوب وشعبه وقضيته .

 

والجنوب اليوم يتطلع إلى تحقيق الاستقلال الثاني  ستؤخذ بعين الاعتبار كل العبر والدروس من جميع الأخطاء التي رافقت نظام دولة الجنوب السابقة التي كانت سببا لوقوع الجنوبيين في فخ ما تسمى (الوحدة اليمنية المشؤومة) ، وستكون دولة الجنوب التي سيعلن عنها بعد الاستقلال الثاني للجنوب أن شاء الله دولة خالية ومنزهة من كل تلك الأخطاء السابقة ، وذلك لإن الجنوبيين في دولتهم الجديدة سيكونون هم فقط الذين سيحددون شكل نظام الحكم فيها وهم فقط الذين سيديرون دفتها ، ولن يقبل أبناء الجنوب أن يكون وطنهم مرة آخرى مرهونًا بيد أبناء الشمال وتحت سيطرتهم ، الذين يحاولون هذه الأيام في مفاوضات التسويات السياسية لإنهاء الحرب وإحلال السلام في اليمن  جعل الجنوب تابعًا لهم من خلال إصرارهم على أن يكون الحل الأممي لمشاكل اليمن وفق تمسكهم بما تسمى المرجعيات الثلاث التي قد عفى عنها الزمن أو وفق تحقيق مصالح جديدة للحوثيين يكون على حساب قضية الجنوب وثرواته .

 

 

لذلك فأن الجنوب مستقبلا  أي بعد الاستقلال الثاني لن يسمح لأيّ من أبناء الشمال أن يشاطروا الجنوبيين الحكم أبدا  لإدراك الجنوبيين أن كل المصائب التي لحقت بالجنوب وبمنطقة الجزيرة والخليج من بعد استقلال الجنوب الأول إلى الوحدة المشؤومة  إلى حرب الحوثي  قد كان أبناء الشمال هم السبب الأكبر فيها ، ومازال الجنوب يتذكر ذلك ولم ينسَى عندما سمح لأبناء الشمال الوافدين إلى الجنوب الحاملين أفكاراً ونظريات لا تصلح أبدًا للحياة العربية الإسلامية  أن يشاطروا أبناء الجنوب في حكم الجنوب وفي تحديد نظام الحكم فيه بعد الاستقلال الأول وفق تلك الأفكار والنظريات التي جاءوا يحملونها ، والتي بسببها و بتآمر منهم جعلوا الجنوب في عزلة عن محيطة الإقليمي والعربي .

 

الاستقلال الثاني للجنوب سيكون بعيدًا كل البُعد عن ذلك وسيكون أكثر حذرا على أن يقع في فخ الشماليين مرة أخرى  مهما كانت الذرائع والمسميات التي سيطرحونها في المفاوضات  التي بها يحاولون يؤمّنون بقاء الجنوب تابعًا لهم .

 

 وسيكون الجنوب باستقلاله الثاني أن شاء الله قريبا كل القرب بعلاقاته الأخوية الصادقة المخلصة مع دول المنطقة العربية والخليج وجميع دول العالم  خاصة بعد أن اتضحت الرؤية من بعد حرب الحوثي  أن أنظمة الشمال قاطبة من نظام صالح إلى نظام ما تسمى الشرعية إلى نظام الحوثي  جميعها كانت ومازالت مصدر قلق لدول الجوار ، بينما الجنوب أصبح مصدر أمن واستقرار لدول الجوار الشقيقة والمياة الإقليمية والدولية .

 

عادل العبيدي