الحرب لا تبدأُ في يومها الأولِ ولا تنتهي في اليومِ التالي.

2024-02-29 14:52
الحرب لا تبدأُ في يومها الأولِ ولا تنتهي في اليومِ التالي.
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس – د حسين لقور بن عيدان: عن الأيام

لمْ يستعدْ الجنوبيونَ للحربِ ولمْ يكنْ واردا في ذهنِ معظمِ القياداتِ الجنوبيةِ أنهُ سيتمُ اجتياحُ الجنوبِ في 2015 م لغيابِ قيادةٍ ورؤية موحدةٍ يومها تبنيَ إستراتيجيةِ بناءا على كل الإحتمالات ومنها مواجهةِ غزوٍ جديدٍ للجنوبِ جاء بعقيدةٍ تدميريةٍ نمتْ في أحشاءٍ سلاليةٍ الحوثي.

 

لا نكشفُ سرا أوْ نقدم نظريةٍ جديدةٍ إنما نسردُ الحقيقةٌ المعروفة، وهيَ أنَ منْ يخططُ لحربِ عليهِ بادئٌ ذي بدءِ فعليا أنْ يحضرَ لها في اليومِ السابقِ وهذه منْ صفاتِ منْ يمتلكُ رؤيةً واضحةً تنطلقُ منْ حقيقةٍ واحدةٍ وهيَ أنَ التاريخَ قدْ علمنا أنْ من أشعلوا الحروبُ لأيِ سببٍ ، لمْ يستطيعوا أنْ يحددوا نهايتها، ولمْ يمتلكوا السيطرةُ على سيرها ، لأنَ الحربَ تطورَ آلياتها الخاصةِ ، حيثُ تتغيرُ الجبهاتُ كما يتغيرُ فيها الأعداءُ والحلفاءِ، بلْ وتتبدلُ فيها المفرداتُ والأهدافُ والشعاراتُ، حتى يصبحُ جزءٌ منْ المنادينَ بالحربِ منْ أجلِ الحريةِ همْ القوةُ الغاشمةُ والجزءُ الآخرُ ضحايا لتلكَ القوةِ بعدَ أنْ تتراجعَ عن شعاراتها الأولى وتصبح منْ التاريخِ ، لكنَ تبقى حقيقةً وحيدةً ثابتةً مشتركةً هيَ ذهابُ الأبرياءِ ضحايا لعبثِ تلكَ الحربِ وانتشارِ الموتِ والنزوحِ واللجوءِ والمجاعاتِ تحتَ تلكَ الشعاراتِ الخادعةِ .

 

ولعلنا نتذكرُ هنا في التاريخِ الحديثِ الكثيرَ منْ الأمثلةِ على تلك الحروبِ التي بدأتْ بأهدافِ معينةٍ وانتهتْ في مكانٍ آخرَ بعيدٍ عما خططَ لهُ وبعيدا عنْ أهدافها، منْ حربِ أمريكا في فيتنام إلى حربِ السوفيتِ في أفغانستان مرورا بإسقاطِ العراقِ واليومِ حرب أوكرانيا والعدوانِ على غزةَ.

 

لقدْ بعثَ العدوانُ اليمنيُ في 2015 م في الجنوبِ روحَ المقاومةِ المسلحةِ التي بالفعلِ خلقتْ آلياتها الخاصةَ ووسائلَ عملها ونجحتْ في صدِ العدوانِ الحوثوعفاشي وألحقتْ بهِ الهزيمةُ في الجنوبِ لكنها فشلتْ في إدارةِ اليوم التالي للنصرِ وذهبتْ بعضَ قياداتها مسرعةً بالنصرِ لتسليمهِ لمنْ لا يستحقُ منْ القابعينَ في قصورِ اللجوء وتتخلى عن أهم ورقةٍ كانت بيدِ الجنوبيين واليومِ رغم وجودِ قوةٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ جنوبيةٍ لكنها كذلك عجزتْ أنْ تستثمرَ الحقائقُ على الأرضِ وتحولها إلى انتصارٍ سياسيٍ نتيجةَ ترددها، ما جعلَنا اليومَ جنوبا نعيش في حالةٍ منْ فقدانِ التوازنِ في ظلِ مؤامراتٍ تعملُ على عدمِ تركِ أيِ فرصةٍ لرسمِ ملامحِ دولةٍ جنوبيةٍ .

 

أنَ الإيمانَ بالوطنِ وحريتهِ وإستقلالهِ هدف نبيلٍ لا جدالَ فيهِ لدى كلِ الشعوبِ الحيةِ، لكنَ إعلاءَ قيمةِ الإنسانِ فيهِ وحقهِ في حياةٍ كريمةٍ والحفاظِ على أمنهِ وكرامتهِ ومالهِ وعرضهِ ومستقبلِ أجيالهِ هيَ أكثرُ نبلاً، وهيَ منْ أولوياتِ قادةِ الشعوبِ الحقيقيينَ، وليسَ الارتهانُ للأزماتِ وخلق التبريرات، وإشعالِ الحروبِ انطلاقا منْ مفاهيمَ طائفيةٍ أوْ حزبيةٍ، أوْ مناطقيةٍ أو التزامٍ بتبعيةٍ للخارجِ القريبِ أوْ البعيدِ .

 

لذلكَ سيطولُ انتظارُ اليومِ التالي في الصراعِ في اليمنِ والجنوبِ لأننا لمْ نستعن بالتخطيطِ للحربِ ولا فكرنا في كيفيةِ إدارةِ اليومِ التالي للنصرِ في الجنوبِ، وكان اليوم السابقِ للحربِ أساسُ الخطأِ والبلاءِ، حيثُ لمْ يتمْ تشخيصُ أسبابِ الصراعِ ومعرفة اطرافه ولمْ يتمْ الاستعداد لمواجهةِ الإحتمالات ووضعِ استراتيجيةٍ واضحةٍ لحلِ جذورِ المشكلةِ كما لمْ تحسبْ العواقبُ الناتجةُ عنْ مثلَ هكذا أخطاءٌ.

 

ما عشناهُ خلالَ عشرِ سنواتِ حربٍ وما نحنُ فيهِ اليومَ منْ كوارثَ نتيجةً طبيعيةً وأمرَ منطقيٌ بسببِ غيابِ نهجِ التخطيطِ عمنْ أداروا الحربُ للأسفِ، والتي تحولتْ إلى إدارةٍ للفسادِ والنهبِ أخرجتْ فيها قياداتٌ سياسيةٌ وعسكريةٌ فاشلةٌ انساقتْ وراءَ غرائزها المدمرةِ وعبثتْ بمصيرِ الناسِ وتخلتْ تماما فيما قامت بهِ عنْ حماية حقوقِ الناسِ في الحصولِ على أبسطِ مقوماتِ الحياةِ.

 

د. حسين لقور #بن_عيدان